وتهييجا شديدا بأنواع الوساوس والتسويلات.
وعن القمي : نزلت في مانعي الخمس والزكاة والمعروف ، يبعث الله عليهم شيطانا ، فينفق ما يجب عليه من الزكاة في غير طاعة الله ، ثمّ يعذّبه على ذلك (١) .
﴿فَلا تَعْجَلْ﴾ في نزول العذاب ﴿عَلَيْهِمْ﴾ وهلاكهم حتى تستريح أنت والمؤمنون من شرّهم ، وتطهّر الأرض من لوث وجودهم ، وتأمنها من فسادهم ﴿إِنَّما نَعُدُّ﴾ أيّام آجالهم وأنفاسهم ﴿لَهُمْ عَدًّا﴾ فإنّه لم يبق من عمرهم إلّا أيّام قليلة وأنفاس محصورة.
روي أن ابن عباس إذا قرأها بكى ، وقال : آخر العدد خروج نفسك ، آخر العدد فراق أهلك ، آخر العدد دخول قبرك (٢) .
عن الصادق عليهالسلام : أنّه سئل عن قول الله تعالى : ﴿إِنَّما نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا﴾ قال : « ما هو عندك ؟ » قال السائل : عدد الأيّام ، قال : « إنّ الآباء والامّهات يحصون ذلك ، [ لا ] ولكنّه عدد الأنفاس»(٣) .
وعن أمير المؤمنين عليهالسلام : « نفس المرء خطاه إلى أجله » (٤) .
وقيل : إنّ المعنى إنّما نعدّ [ أنفاسهم و] أعمالهم عدّا ، فنجازيهم على قليلها وكثيرها (٥) .
وقيل : يعني إنّما نعدّ الأوقات إلى وقت الأجل المقدّر لكلّ منهم (٦) ، ثمّ نعذّبهم على أعمالهم.
﴿يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمنِ وَفْداً * وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلى جَهَنَّمَ وِرْداً
* لا يَمْلِكُونَ الشَّفاعَةَ إِلاَّ مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً (٨٥) و (٨٧)﴾
ثمّ عيّن سبحانه وقت كفرهم بعبادة الأصنام وابتلائهم بالعذاب بقوله : ﴿يَوْمَ نَحْشُرُ﴾ فيه ﴿الْمُتَّقِينَ﴾ والمحترزين من الشّرك والعصيان ، ونخرجهم من قبورهم أحياء ، أو نجمعهم ﴿إِلَى﴾ محلّ كرامة ﴿الرَّحْمنِ﴾ وربّهم الرّحيم بهم حال كونهم ﴿وَفْداً﴾ وقادمين عليه راجين لثوابه وإنعامه ، كما ينزل المحتاجون على الملوك طامعين لجوائزهم.
وقيل : إنّ المعنى أذكر يا محمّد اليوم الذي نميّز بين المتّقين والمجرمين ، بأن نحشر أهل الإيمان والطاعة إلى رحمة الرّحمن كالأضياف النّازلين على الملك الكريم.
روى بعض العامة عن أمير المؤمنين عليهالسلام : قال : « ما يحشرون والله على أرجلهم ، ولكن على نوق رحالها ذهب ، وعلى نجائب سرجها ياقوت ، وأزمّتها زبرجد ، ثمّ ينطلق بهم حتى يقرعوا باب
__________________
(١) تفسير القمي ٢ : ٥٣.
(٢) تفسير روح البيان ٥ : ٣٥٥.
(٣) الكافي ٣ : ٢٥٩ / ٣٣ ، تفسير الصافي ٣ : ٢٩٣.
(٤) نهج البلاغة : ٤٨٠ الحكمة ٧٤ ، تفسير الصافي ٣ : ٢٩٣.
(٥ و٦) تفسير الرازي ٢١ : ٢٥٢.