﴿كَذَّبَ أَصْحابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ قالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ أَ لا تَتَّقُونَ * إِنِّي لَكُمْ
رَسُولٌ أَمِينٌ * فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ * وَما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ
عَلى رَبِّ الْعالَمِينَ (١٧٦) و (١٨٠)﴾
ثمّ حكى سبحانه كيفية دعوة شعيب ، وامتناع قومه من الايمان به بقوله : ﴿كَذَّبَ أَصْحابُ الْأَيْكَةِ﴾ وأهل الغيظة التي كانت بقرب مدين ﴿الْمُرْسَلِينَ﴾ كلّهم بتكذيبهم شعيبا ، أو كذّبوا جميع الرسل ومنهم شعيب المبعوث لدعوتهم ودعوة أهل مدين ﴿إِذْ قالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ﴾ نصحا وإنذارا : يا قوم ﴿أَ لا تَتَّقُونَ﴾ الله ولا تخافون عقابه على الشرك والعصيان.
فى حديث عامي : أنّ شعيبا أخا مدين أرسل إليهم وإلى أصحاب الأيكة (١) .
وروي أن أصحاب الأيكة كانوا أصحاب شجر ملتفّ كان حملها المقل (٢) .
ثمّ قال : ﴿إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ﴾ من الله مبعوث لدعوتكم إلى التوحيد وإلى ما هو خير لكم في الدارين ﴿أَمِينٌ﴾ عنده على وحيه ، وعندكم على دينكم ودنياكم ، وقد عرفتموني أنّي [ أدعوكم ] إلى الايمان لم أطلب إلّا ما هو صلاح حالكم ﴿فَاتَّقُوا اللهَ﴾ إذن ﴿وَأَطِيعُونِ﴾ في ما آمركم به ، فانّ أمري أمر الله ، وطاعتي طاعته ، واعلموا أنّ وظيفتي تبليغ أحكام ربّي ﴿وَما أَسْئَلُكُمْ﴾ ولا أطلب منكم ﴿عَلَيْهِ﴾ شيئا ﴿مِنْ أَجْرٍ﴾ وجعل ﴿إِنْ أَجْرِيَ﴾ وما جعلي ﴿إِلَّا عَلى رَبِّ الْعالَمِينَ﴾ ومالك السماوات والأرضين ، لأنّ عملي له.
﴿أَوْفُوا الْكَيْلَ وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُخْسِرِينَ * وَزِنُوا بِالْقِسْطاسِ الْمُسْتَقِيمِ *
وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْياءَهُمْ وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ (١٨١ و) (١٨٣)﴾
ثمّ أنّه تعالى بعد الاعلان برسالته ، ودعوتهم إلى طاعته ، واظهار عدم طمعه في دنياهم وأموالهم ، شرع في بيان ما أمر بتبليغه من الله إليهم من الأحكام ، ونهيهم عمّا تداول بينهم من أقبح الأعمال بقوله : ﴿أَوْفُوا﴾ للناس ﴿الْكَيْلَ﴾ وأتموه كاملا إذا استحقّوا منكم الكيل ﴿وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُخْسِرِينَ﴾ والمنقصين لحقوقهم بتنقيص أكيالهم ﴿وَزِنُوا﴾ الموزونات من حقوقهم ﴿بِالْقِسْطاسِ الْمُسْتَقِيمِ﴾ والميزان العدل السويّ. قيل : إنّ القسطاس روميّ معرّب (٣) .
__________________
(١) تفسير الرازي ٢٤ : ١٦٣.
(٢) تفسير الرازي ٢٤ : ١٦٣ ، المقل : حمل الدّوم ، وهو يشبه النخل.
(٣) تفسير روح البيان ٦ : ٣٠٣.