عن الصادق عليهالسلام قال : « البرد لا يؤكل ؛ لأن الله عزوجل يقول : ﴿فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشاءُ ﴾(١).
﴿يَكادُ﴾ ويقرب ﴿سَنا بَرْقِهِ﴾ وضوء لمعانه ﴿يَذْهَبُ بِالْأَبْصارِ﴾ التي للناظرين إليه ، ويخطفها (٢) من شدة الإضاءة وسرعة الورود.
قيل : إنّ البرق يحدث من ضرب تلك السّحاب (٣) . وقيل : إنّه نار تنقدح من اصتكاك الأجزاء الدّخانية في جوف السّحاب (٤) ، ومن قدرة الله ظهور النار من البرد الذي هو ضدّها.
وعن أمير المؤمنين عليهالسلام ، قال : « قال رسول الله صلىاللهعليهوآله إن الله عزوجل جعل السحاب غرابيل للمطر ، هي تذيب البرد [ حتى يصير ] ماء لكيلا يضرّ شيئا يصيبه ، والذي ترون فيه من البرد والصّواعق نقمة من الله عزوجل يصيب بها من يشاء من عباده » (٥) .
﴿يُقَلِّبُ اللهُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصارِ * وَاللهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ
مِنْ ماءٍ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ
يَمْشِي عَلى أَرْبَعٍ يَخْلُقُ اللهُ ما يَشاءُ إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٤٤) و (٤٥)﴾
ثمّ استدلّ سبحانه على قدرته ثالثا بقوله : ﴿يُقَلِّبُ اللهُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ﴾ ويجعلهما متعاقبين ، أو يغيّرهما بالزيادة والنقص ، والحرّ والبرد ، والنّور والظّلمة ، ممّا يقع فيهما من الامور التي من جملتها إزجاء السّحاب وما يترتّب عليه.
وفي الحديث ، قال : « قال الله تعالى يؤذيني ابن آدم بسب الدهر ، وأنا الدهر ، بيدي الأمر اقلّب الليل والنهار » (٦) .
﴿إِنَّ فِي ذلِكَ﴾ المذكور من الآيات المفصّلة ﴿لَعِبْرَةً﴾ وعظة أو دلالة واضحة على توحيد الله وقدرته واستحقاقه للخضوع والتعظيم ﴿لِأُولِي الْأَبْصارِ﴾ الثاقبة وذوي الأنظار الصائبة.
ثمّ أنّه تعالى بعد الاستدلال بما في السماوات والأرض والآثار العلوية ، استدلّ بخصوص خلق الحيوان واختلافه بقوله : ﴿وَاللهُ خَلَقَ﴾ بقدرته ﴿كُلَّ دَابَّةٍ﴾ وحيوان متحرّك ﴿مِنْ ماءٍ﴾ فانّه أصل جميع الموجودات ، كما عن ابن عبّاس قال : إنّ الله خلق جوهرة فنظر إليها بعين الهيبة ، فصارت ماء ، ثمّ من ذلك الماء خلق النار والهواء والنور ، فأصل جميع الموجودات حتى الملائكة والجنّ وآدم من ماء (٧) .
__________________
(١) الكافي ٦ : ٣٨٨ / ٣ ، تفسير الصافي ٣ : ٤٤٠.
(٢) في النسخة : ويخطفهما.
(٣و٤) تفسير روح البيان ٦ : ١٦٦.
(٥) الكافي ٨ : ٢٤٠ / ٣٢٦ ، تفسير الصافي ٣ : ٤٤٠.
(٦) تفسير روح البيان ٦ : ١٦٦.
(٧) تفسير روح البيان ٦ : ١٦٧.