ثمّ حكى استدلالهم على بطلان القول به بقوله : ﴿لَقَدْ وُعِدْنا هذا﴾ الإخراج والحشر والنشر ﴿نَحْنُ وَآباؤُنا مِنْ قَبْلُ﴾ وزمان ظهور محمد ، ولم نر أحدا منهم خرج من قبره ، فلذا ﴿إِنْ هذا﴾ الوعد ، وما هو ﴿إِلَّا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ﴾ وخرافات السابقين.
ثمّ أمر سبحانه نبيه صلىاللهعليهوآله بتهديدهم بما نزل على أضرابهم من مكذّبي الرسل بقوله : ﴿قُلْ﴾ لهم يا محمّد : ﴿سِيرُوا﴾ أيّها المشركون وسافروا ﴿فِي الْأَرْضِ﴾ التي كانت مسكن مكذّبي الرسل ، كأرض الحجر والأحقاف وسدوم وغيرها ﴿فَانْظُرُوا﴾ بنظر الاعتبار ﴿كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ﴾ أمر ﴿الْمُجْرِمِينَ﴾ ومآل المكذّبين للرسل ، فانّ عاقبتهم التالية الهلاك بالعذاب.
ثمّ سلّى نبيه بقوله : ﴿وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ﴾ إن أصرّوا على التكذيب ، أو ابتلوا بالعذاب.
ثمّ قوّى قلبه الشريف في تبليغ الرسالة بقوله : ﴿وَلا تَكُنْ فِي ضَيْقٍ﴾ وحرج وخوف ﴿مِمَّا يَمْكُرُونَ﴾ ويحتالون في قتلك ويدبّرون في إهلاكك ، فانّا كافلوك وناصروك.
﴿وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ * قُلْ عَسى أَنْ يَكُونَ رَدِفَ لَكُمْ
بَعْضُ الَّذِي تَسْتَعْجِلُونَ * وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا
يَشْكُرُونَ (٧٣) وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَعْلَمُ ما تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَما يُعْلِنُونَ (٧١) و (٧٤)﴾
ثمّ حكى سبحانه استهزاءهم بالنبيّ صلىاللهعليهوآله والمؤمنين في وعدهم بالعذاب بقوله : ﴿وَيَقُولُونَ﴾ استهزاء : ﴿مَتى هذَا الْوَعْدُ﴾ الذي تعدوننا ؟ وفي أيّ وقت ينزل العذاب الذي تخوّفوننا به ؟ عيّنوه لنا ﴿إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ﴾ في وعدكم به ﴿قُلْ﴾ يا محمّد ، ﴿عَسى﴾ وقرب ﴿أَنْ يَكُونَ رَدِفَ لَكُمْ﴾ ولحقكم ﴿بَعْضُ﴾ العذاب ﴿الَّذِي تَسْتَعْجِلُونَ﴾ وهو عذاب يوم بدر ﴿وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو فَضْلٍ﴾ وإنعام ﴿عَلَى﴾ كافة ﴿النَّاسِ﴾ بتأخير عقوبتهم على الكفر والعصيان ﴿وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ﴾ لا يعرفون هذه النّعمة ، ولذا ﴿لا يَشْكُرُونَ﴾ بل لجهلهم يستعجلونه.
ثمّ بيّن سبحانه أنّ تأخير عذابهم ليس لجهله تعالى بأعمالهم بقوله : ﴿وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَعْلَمُ ما تُكِنُ﴾ وتستر ﴿صُدُورُهُمْ﴾ من النيّات والدواعي ﴿وَما يُعْلِنُونَ﴾ ويظهرون من الأقوال والأفعال من عداوة الرسول واستهزائهم به وتكذيبهم له فيعاقبهم أشدّ العذاب.
﴿وَما مِنْ غائِبَةٍ فِي السَّماءِ وَالْأَرْضِ إِلاَّ فِي كِتابٍ مُبِينٍ * إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ
عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ * وَإِنَّهُ لَهُدىً وَرَحْمَةٌ
لِلْمُؤْمِنِينَ (٧٥) و (٧٧)﴾