أُخْرَجُ﴾ من القبر حال كوني ﴿حَيًّا﴾ سويّا وإنسانا كاملا ؟
ثمّ أنكر سبحانه عليهم القول بقوله : ﴿أَ وَلا يَذْكُرُ الْإِنْسانُ﴾ مع عقله وفطنته ، ولا يتفكّر ﴿أَنَّا خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ﴾ وفي بدو وجوده في هذا العالم ﴿وَ﴾ الحال أنّه ﴿لَمْ يَكُ شَيْئاً﴾ مذكورا ، بل كان عدما صرفا ؟
في ( الكافي ) عن الصادق عليهالسلام قال « لا مقدّرا ولا مكونا » (١) .
وعنه عليهالسلام في رواية اخرى : « لم يكن شيئا في كتاب ولا علم » (٢) .
وعن القمي : أي لم يكن ثمّة ذكره (٣) .
ومن الواضح أنّ القادر على خلقه أوّلا بلا مثال قادر على خلقه ثانيا بتلك الصورة ، بل يكون خلقه أهون وأسهل عند العاقل.
﴿فَوَ رَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّياطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا * ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ
مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمنِ عِتِيًّا * ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالَّذِينَ هُمْ أَوْلى
بِها صِلِيًّا * وَإِنْ مِنْكُمْ إِلاَّ وارِدُها كانَ عَلى رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيًّا * ثُمَّ نُنَجِّي
الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيها جِثِيًّا (٦٨) و (٧٢)﴾
ثمّ أنّه تعالى بعد نقل إنكار منكري الحشر ، واستبعاد إمكانه ، واستدلاله تعالى على إمكانه ، أخبر بوقوعه ، وهدّد منكرية بتعذيبهم بقوله : ﴿فَوَ رَبِّكَ﴾ لنحيينّهم في القبور ثمّ ﴿لَنَحْشُرَنَّهُمْ﴾ منها ، ولنسوقنّهم إلى عرصة القيامة ﴿وَالشَّياطِينَ﴾ المغوين لهم معهم ﴿ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ﴾ البتّة ﴿حَوْلَ جَهَنَّمَ﴾ وفي أطرافها حال كونهم ﴿جِثِيًّا﴾ وجلوسا على ركبهم لشدّة هولهم بحيث لا يمكنهم القيام على أرجلهم.
قيل : إنّ عادة النّاس أنّهم في مواقف المطالبات من الملوك يجلسون على ركبهم ، لما في ذلك من الاستظهار والقلق (٤) وغاية التذلّل.
وعن ابن عباس « جثيّا » يعني : جماعات (٥) .
قيل : إنّ الكفرة يحشرون مع قرنائهم من الشياطين الذين أغووهم ، كل مع شيطانه في سلسلة (٦)﴿ثُمَّ لَنَنْزِعَنَ﴾ ونجذبنّ ﴿مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ﴾ وفرقة من الفرق الذين تابعوا (٧) غاويا من الغواة الذين يقال فيهم :
__________________
(١) الكافي ١ : ١١٤ / ٥ ، تفسير الصافي ٣ : ٢٨٨.
(٢) المحاسن : ٢٤٣ / ٢٣٤ ، تفسير الصافي ٣ : ٢٨٨.
(٣) تفسير القمي ٢ : ٥٢ ، تفسير الصافي ٣ : ٢٨٨.
(٤) تفسير الرازي ٢١ : ٢٤١ و٢٤٢.
(٥) تفسير روح البيان ٥ : ٣٤٩.
(٦) تفسير أبي السعود ٥ : ٢٧٥.
(٧) في النسخة : تابعت.