﴿بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ﴾ والقديم ، أو الذي أعتقه الله من الغرق يوم الطوفان كما عن الصادق عليهالسلام (١) ، أو من تسلّط الجبابرة عليه كما عن ابن عباس (٢) ، أو من أن يملكه أحد كما عن الباقر عليهالسلام (٣) .
﴿ذلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُماتِ اللهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعامُ إِلاَّ ما
يُتْلى عَلَيْكُمْ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ (٣٠)﴾
ثمّ أنّه تعالى بعد ذكر تشريفات بيته ، قطع الكلام بقوله : ﴿ذلِكَ﴾ قيل : يعني الأمر أو الشّأن (٤) ذلك الذي ذكر ، ثمّ حثّ الناس على حفظ حرمته بقوله : ﴿وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُماتِ اللهِ﴾ وما لا يحلّ هتكه من البيت الحرام ، والمسجد الحرام ، والبلد الحرام ، والشهر الحرام ﴿فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ﴾ ثوابا ﴿عِنْدَ﴾ الله ﴿رَبِّهِ﴾ في الآخرة.
ثمّ عاد سبحانه إلى بيان أحكام الحجّ ، ولمّا كان مجال توهّم حرمة أكل لحوم الأنعام حال الإحرام كحرمة الصيد ، صرّح بحلّيته بقوله : ﴿وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعامُ﴾ وجميع أجزائها ﴿إِلَّا ما يُتْلى عَلَيْكُمْ﴾ في آية اخرى في المائدة ، فلا تحرّموا منها ما أحلّه الله ، ولا تجتنبوا منه ، وإن كنتم مجتنبين عن شيء من القبائح فاحترزوا ﴿فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ﴾ والخبيث القذر ﴿مِنَ الْأَوْثانِ﴾ والأحجار التي يعبدها المشركون ويذبحون عندها ، واحترزوا منها احترازكم من النّجس ﴿وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ﴾ والكلام المنحرف عن الحقّ كالقول بالوهيّة الأصنام ، وحرمة السائبة وأخواتها ، والشهادة بغير الحقّ ، وسائر الأقوال المحرّمة.
عن النبيّ صلىاللهعليهوآله قال : « عدلت شهادة الزور الإشراك بالله تعالى ، ثلاثا » وتلا هذه الآية (٥) .
وقيل : هو الكذب والبهتان (٦) .
وقيل : هو قول أهل الجاهليّة : لبّيك لا شريك لك ، إلّا شريك هو لك ، تملكه وما ملك (٧) .
وعن الصادق عليهالسلام : « الرّجس من الأوثان : الشّطرنج ، وقول الزّور : الغناء » (٨) [ وزاد في المجمع ] « وسائر أنواع القمار والأقوال الملهية » (٩) .
﴿حُنَفاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَكَأَنَّما خَرَّ مِنَ السَّماءِ فَتَخْطَفُهُ
__________________
(١) تفسير القمي ٢ : ٨٤ ، المحاسن : ٣٣٦ / ١١٣ ، علل الشرائع : ٣٩٩ / ١ و٤ و٥ ، تفسير الصافي ٣ : ٣٧٧.
(٢) تفسير الرازي ٢٣ : ٣٠.
(٣) الكافي ٤ : ١٨٩ / ٦ ، تفسير الصافي ٣ : ٣٧٧.
(٤) تفسير الرازي ٢٣ : ٣١.
(٥) تفسير روح البيان ٦ : ٣٠.
(٦ و٧) تفسير الرازي ٢٣ : ٣٢.
(٨) تفسير القمي ٢ : ٨٤ ، الكافي ٦ : ٤٣٥ / ٦ ، تفسير الصافي ٣ : ٣٧٧.
(٩) مجمع البيان ٧ : ١٣١ ، تفسير الصافي ٣ : ٣٧٧.