﴿ثُمَّ لْيَقْضُوا﴾ وليزيلوا ﴿تَفَثَهُمْ﴾ ووسخهم بحلق الرأس وقصّ الشارب وقلم الأظفار ونتف الإبط. أو المراد : وليؤدّوا مناسك الحجّ كلّها ، كما عن ابن عبّاس (١)﴿وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ﴾ وعهودهم بالنّذر من الحجّ وسائر الطاعات في تلك الأيّام ، فيضاعف لهم الثواب.
عن الصادق عليهالسلام : « التفث هو الحلق وإزالة ما في جلد الإنسان » (٢) .
وعن الرضا عليهالسلام : « هو تقليم الأظفار ، وطرح الوسخ وطرح لباس الإحرام عنه » (٣) .
وعن الباقر عليهالسلام : « التّفث حفوف الرّجل من الطّيب ، فإذا قضى نسكه حلّ له الطّيب » (٤).
وعن الصادق عليهالسلام : « من التّفث أن تتكلّم في إحرامك بكلام قبيح ، فإذا دخلت مكّة وطفت بالبيت [ و] تكلّمت بكلام طيب فكان ذلك كفّارة » (٥) .
وعن ذريح المحاربي : قال : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : إنّ الله تعالى أمرني في كتابه بأمر فاحبّ أن أعلمه ، قال : « وما ذاك ؟ » قلت : قول الله تعالى : ﴿ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ﴾ قال عليهالسلام: ﴿ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ﴾ لقاء الإمام ﴿وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ﴾ تلك المناسك » .
قال عبد الله بن سنان : فأتيت أبا عبد الله ، فقلت : جعلت فداك ، قول الله تعالى : ﴿ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ ؟﴾ قال : « أخذ الشّارب ، وقصّ الأظفار وما أشبه ذلك » .
قلت : جعلت فداك ، إنّ ذريح المحاربي حدّثني عنك بأنّك قلت له : ﴿ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ﴾ لقاء الإمام ﴿وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ﴾ تلك المناسك » ؟ قال : « صدق وصدقت ، إنّ للقرآن ظاهرا وباطنا ، ومن يحتمل ما يحتمل ذريح ؟ » (٦) .
أقول : لا شبهة أنّ لقاء الإمام يزيل الأوساخ الباطنيّة من الذنوب والأخلاق الرّذيلة ، فإزالة الأوساخ الظّاهرية ظاهر القرآن ، وإزالة الأوساخ الباطنية بلقاء الإمام باطنه.
وعن الباقر عليهالسلام يقول - ويرى الناس بمكّة وما يعملون - : « فعالهم كفعال الجاهليّة ، أما والله ما امروا إلّا أن يقضوا تفثهم ويوفوا نذورهم ، فيمرّوا بنا فيخبرونا بولايتهم ، ويعرضوا علينا نصرتهم » (٧) .
﴿وَلْيَطَّوَّفُوا﴾ وجوبا طواف النساء ، كما عن الصادق عليهالسلام (٨) ، أو طواف الزيارة والنساء والعمرة
__________________
(١) مجمع البيان ٧ : ١٣٠.
(٢) الكافي ٤ : ٥٠٣ / ٨ ، من لا يحضره الفقيه ٢ : ٢٩٠ / ١٤٣٤ ، تفسير الصافي ٣ : ٣٧٦.
(٣) الكافي ٤ : ٥٠٤ / ١٢ ، من لا يحضره الفقيه ٢ : ٢٩٠ / ١٤٣٦ ، تفسير الصافي ٣ : ٣٧٦.
(٤) من لا يحضره الفقيه ٢ : ٢٩٠ / ١٤٣٥ ، تفسير الصافي ٣ : ٣٧٦.
(٥) الكافي ٤ : ٣٣٧ / ٣ ، تفسير الصافي ٣ : ٣٧٦.
(٦) الكافي ٤ : ٥٤٩ / ٤ ، تفسير الصافي ٣ : ٣٧٦.
(٧) الكافي ١ : ٣٢٣ / ٢ ، تفسير الصافي ٣ : ٣٧٦.
(٨) الكافي ٤ : ٥١٣ / ٢ ، تفسير الصافي ٣ : ٣٧٧.