بَهِيمَةِ﴾ وحيوان ذات أربع يكون من ﴿الْأَنْعامِ﴾ الإبل والبقر والغنم. قيل : كنّى عن الذّبح بذكر الله (١) ، لعدم انفكاك المسلم عن ذكره تعالى عند الذّبح والنّحر ، وللتّنبيه على أنّ الغرض الأصلي في ما يتقرّب به إلى الله أن يذكر اسم الله تعالى وأن يخالف المشركين في ذلك.
قيل : كان التقرّب بإراقة دمها متصوّر بصورة من يفدي نفسه بما يعادلها ، ويبذل تلك الذبيحة بدل مهجته ، طلبا لمرضاة الله ، واعترافا بأنّ تقصيره موجب لاستحقاق مهجته (٢) .
قيل : إنّ ذكر الله عند الذبح : بسم الله وبالله والله أكبر ، اللهم منك وإليك ، إنّ صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله ربّ العالمين (٣) .
وعن الباقر عليهالسلام « ذكر الله هو التكبير عقيب خمس عشرة صلاة أوّلها ظهر العيد » (٤) .
وعن الباقر عليهالسلام : « الأيّام المعلومات عشر ذي الحجّة ، والمعدودات أيّام التّشريق » (٥) .
أقول : نسب الفخر الرازي هذا القول إلى ابن عبّاس وكثير من المفسّرين وأكثر العلماء ، وقالوا في وجه تسمية العشر بالمعلومات أنّها معلومة عند النّاس ، لحرصهم على العلم بها ، لكون الحجّ في آخرها(٦).
وعن الباقر عليهالسلام قال : « قال علي عليهالسلام : في قول الله عزوجل : ﴿وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُوماتٍ﴾ أيّام العشر » (٧) .
أقول : الظاهر أنّ ما روي عنه عليهالسلام من عكس ذلك فهو سهو من الرّاوي.
ثمّ بيّن سبحانه مصرف الضحايا بقوله : ﴿فَكُلُوا﴾ أنفسكم ﴿مِنْها﴾ ندبا أو وجوبا ﴿وَأَطْعِمُوا﴾ منها ﴿الْبائِسَ﴾ ومن في شدّة العيش و﴿الْفَقِيرَ﴾ والمحتاجين إلى مؤنة سنة.
عن ابن عباس : البائس : الّذي ظهر بؤسه في ثيابه ووجهه ، والفقير : الذي لا يكون كذلك ، وتكون ثيابه نقيّة ، ووجهه وجه غني (٨) .
وعن الصادق عليهالسلام : « البائس هو الزّمن الّذي لا يستطيع أن يخرج لزمانته » (٩) .
وعنه أيضا : « البائس [ هو ] الفقير » (١٠) .
__________________
(١) تفسير الرازي ٢٣ : ٢٩.
(٢ و٣) تفسير الرازي ٢٣ : ٢٩.
(٤) عوالي اللآلي ٢ : ٨٨ / ٢٣٧ ، عن الصادق عليهالسلام ، تفسير الصافي ٣ : ٣٧٥ ، عنهما عليهماالسلام.
(٥) جوامع الجامع : ٣٠٠ ، تفسير الصافي ٣ : ٣٧٥.
(٦) تفسير الرازي ٢٣ : ٢٩.
(٧) معاني الأخبار : ٢٩٦ / ١ ، تفسير الصافي ٣ : ٣٧٥.
(٨) تفسير الرازي ٢٣ : ٢٩.
(٩) الكافي ٤ : ٤٦ / ٤ ، تفسير الصافي ٣ : ٣٧٥ ، والزّمانة : مرض يدوم ، والزّمن : وصف من الزمانة.
(١٠) الكافي ٤ : ٥٠٠ / ٦ ، تفسير الصافي ٣ : ٣٧٥.