أَصابَتْهُ فِتْنَةٌ﴾ يعني بلاء في نفسه ﴿انْقَلَبَ عَلى وَجْهِهِ﴾ أي انقلب على الشّرك » (١) .
﴿يَدْعُوا مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَضُرُّهُ وَما لا يَنْفَعُهُ ذلِكَ هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ * يَدْعُوا
لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ لَبِئْسَ الْمَوْلى وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ * إِنَّ اللهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ
آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ إِنَّ اللهَ يَفْعَلُ ما
يُرِيدُ (١٢) و (١٤)﴾
ثمّ ذمّ سبحانه العابد على حرف على شركه المضمر بقوله : ﴿يَدْعُوا﴾ ذلك الضالّ في الباطن ويعبد ﴿مِنْ دُونِ اللهِ﴾ وممّا سواه ﴿ما لا يَضُرُّهُ﴾ إن لم يعبده ﴿وَما لا يَنْفَعُهُ﴾ إن عبده ﴿ذلِكَ﴾ الدّعاء ﴿هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ﴾ عن الحقّ والصواب بحيث لا يرجى هدايته ، لوضوح أنّ الجماد لا يليق بالدعاء ولا يجيىء منه الضّرر والنفع.
ثمّ بالغ سبحانه في تقبيح عملهم وتسفيه أحلامهم بقوله : ﴿يَدْعُوا﴾ ذلك الأحمق الغبيّ ﴿لَمَنْ ضَرُّهُ﴾ بسبب عبادته ودعائه الموجب للقتل والخذلان في الدنيا ، والعذاب بالنّار في الآخرة ﴿أَقْرَبُ﴾ إليه ﴿مِنْ نَفْعِهِ﴾ المتوقّع من عبادته بزعمهم من الشفاعة والقرب من الله ، والله ﴿لَبِئْسَ الْمَوْلى﴾ والناصر ذلك المعبود ﴿وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ﴾ والصاحب ، وإنّما ذكر كلمة ( من ) في قوله : ﴿لَمَنْ﴾ في مورد كلمة ( ما ) وصيغة التفضيل مماشاة للمشركين المنزّلين للأصنام منزلة العقلاء ، والقائلين بأنّها الضارّات النافعات.
ثمّ أنّه تعالى بعد ذمّ الأصنام ، وأنّها لا تنفع ولا تضرّ ، بيّن نفعه بالمؤمنين وتفضّله عليهم بقوله : ﴿إِنَّ اللهَ﴾ في الآخرة ﴿يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ بالله ووحدانيّته ﴿وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ﴾ بلطفه وتفضّله ﴿إِنَّ اللهَ يَفْعَلُ ما يُرِيدُ﴾ من إثابة الموحّدين وتعذيب المشركين لا دافع لها ولا مانع.
﴿مَنْ كانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى
السَّماءِ ثُمَّ لْيَقْطَعْ فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ ما يَغِيظُ (١٥)﴾
ثمّ لمّا بيّن تفضّله على المؤمنين (٢) ، بيّن لطفه بنبيّه صلىاللهعليهوآله وتفضّله عليه بنصرته بقوله : ﴿مَنْ كانَ يَظُنُ﴾ ويتوهّم في حقّ محمّد صلىاللهعليهوآله ﴿أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللهُ فِي الدُّنْيا﴾ بإعلاء دينه ، وقهر أعدائه ، ﴿وَ﴾
__________________
(١) الكافي ٢ : ٣٠٣ / ٢ ، تفسير الصافي ٣ : ٣٦٦.
(٢) في النسخة : تفضّله بالمؤمنين.