وعنه عليهالسلام ، قال : « قال رسول الله صلىاللهعليهوآله في هذه الآية : الإحسار ، الإقتار » (١) .
وعنه عليهالسلام ، في قوله : ﴿وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ﴾ قال : ضمّ يده فقال : « هكذا » ﴿وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ ،﴾ قال : وبسط راحته وقال : « هكذا » (٢) .
﴿إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كانَ بِعِبادِهِ خَبِيراً بَصِيراً (٣٠)﴾
ثمّ بيّن سبحانه أن مقتضى ربوبيته رعاية صلاح العباد في توسعة المعاش وتضييقه تسكينا لقلب النبيّ صلىاللهعليهوآله بقوله : ﴿إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ﴾ توسعة رزقه ﴿وَيَقْدِرُ﴾ ويضيق على من يشاء التضييق عليه على حسب اختلاف مصالح الأشخاص ونظام العالم ﴿إِنَّهُ﴾ تعالى ﴿كانَ بِعِبادِهِ﴾ ومصالحهم ﴿خَبِيراً بَصِيراً﴾ فالتفاوت بينهم في الغنى والفقر إنّما هو لاختلافهم في الأحوال والمصلحة ، والله العالم بها ، فلا تغتمّ لفقر أحد.
في الحديث القدسي : « أنّ من عبادي من لا يصلحه إلّا الفقر ، ولو أغنيته لأفسده ذلك ، وإنّ من عبادي من لا يصلحه إلّا الغنى ، ولو أفقرته لأفسده ذلك » وقال : « وإنّي لأعلم بمصالح عبادي»(٣).
وفي ( نهج البلاغة ) : « وقدّر الأرزاق ، فكثّرها وقلّلها ، وقسّمها على الضيق والسّعة ، فعدل فيها ليبتلي من أراد بميسورها ومعسورها ، وليختبر بذلك الشّكر والصبر من غنيّها وفقيرها » (٤) .
﴿وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كانَ خِطْأً
كَبِيراً (٣١)﴾
ثمّ لمّا بيّن سبحانه أنّ الرزق والتوسعة والتضييق فيه بتقدير الله ، وكان العرب على ما قيل يقتلون أولادهم خوفا من الفقر (٥) ، نهاهم عن ذلك بقوله : ﴿وَلا تَقْتُلُوا﴾ أيّها العرب ﴿أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ﴾ ولمخافة الفقر ، فانّ رزقهم ليس عليكم حتى تخافوا منه ، بل ﴿نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ﴾ لا غيرنا ﴿إِنَّ قَتْلَهُمْ﴾ لأيّ داع ﴿كانَ خِطْأً كَبِيراً﴾ وذنبا عظيما.
قيل : إنّ هرم بن حيّان قال لأويس : أين تأمرني أن أكون ؟ فأومأ إلى الشام ، فقال هرم كيف المعيشة
__________________
(١) تفسير العياشي ٣ : ٤٨ / ٢٥٠٥ ، تفسير الصافي ٣ : ١٨٩.
(٢) تفسير العياشي ٣ : ٤٨ / ٢٥٠٤ ، التهذيب ٧ : ٢٣٦ / ١٠٣١ ، تفسير الصافي ٣ : ١٨٩.
(٣) الكافي ٢ : ٢٦٣ / ٨ « نحوه » ، تفسير الصافي ٣ : ١٨٩.
(٤) نهج البلاغة : ١٣٤ / ٩١ ، تفسير الصافي ٣ : ١٩٠.
(٥) تفسير القمي ٢ : ١٩ ، تفسير الصافي ٣ : ١٩٠ ، تفسير روح البيان ٥ : ١٥٣.