فاطيل الجلوس استماعا منّي لهن ؟ قال عليهالسلام : « لا تفعل » .
فقال : والله ما هو شيء آتيه برجلي ، إنما هو سماع أسمعه باذني ؟ فقال عليهالسلام : « تالله كذبت (١) ، أما سمعت الله يقول : ﴿إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلاً ﴾(٢) الخبر.
وعن السجاد عليهالسلام : « ليس لك أن تتكلّم بما شئت ؛ لأنّ الله يقول : ﴿وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ﴾ ولأنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله قال : رحم الله عبدا قال خيرا فغنم ، أو صمت فسلم ، وليس لك أن تسمع ما شئت ؛ لأنّ الله يقول : ﴿إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلاً ﴾(٣) .
﴿وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبالَ طُولاً *
كُلُّ ذلِكَ كانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهاً (٣٧) و (٣٨)﴾
ثمّ أنّه تعالى بعد النهي عن الكبائر الموبقة ، والأمر بالوفاء بالعهد وإيفاء الحقوق ، وكلّها من وظائف اليد واللسان والقلب ، وبيان مسؤولية الأعضاء والجوارح ، نهى عن مشي الخيلاء (٤) والتكبّر الذي هو وظيفة الرّجلين بقوله : ﴿وَلا تَمْشِ﴾ أيّها الانسان ﴿فِي﴾ وجه ﴿الْأَرْضِ مَرَحاً﴾ وتكبّرا ، أو فخرا ، أو بطرا ، أو فرحا ، كما عن القمي رحمهالله (٥) .
ثمّ نبّه سبحانه على عدم لياقته للتعظّم والتكبّر بقوله : ﴿إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ﴾ ولن تنقب حال انخفاضك في المشي ﴿الْأَرْضِ﴾ بقوة قدميك وشدّة وطئك ﴿وَلَنْ تَبْلُغَ﴾ حال ارتفاعك ﴿الْجِبالَ﴾ ولن تصل إلى رؤوسها ﴿طُولاً﴾ وبتطاولك ، فمع هذا العجز يكون التكبّر عين الحماقة ، إذ التكبّر إنّما يكون بكثرة القوة وعظم الجثّة ، وكلاهما مفقودان فيك.
وعن أمير المؤمنين عليهالسلام في وصيته لمحمّد بن الحنفية : « وفرض على الرّجلين أن تنقلهما في طاعته ، وأن لا تمشي بهما مشية عاص ، فقال عزوجل : ﴿وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً﴾(٦) » .
ثمّ بيّن سبحانه علّة النهي عن الخصال الاثني عشر بقوله : ﴿كُلُّ ذلِكَ﴾ المذكور في تضاعيف الآيات المشتملة على الأوامر والنواهي من الخصال الخمس والعشرين ﴿كانَ سَيِّئُهُ﴾ وقبيحه ، وهو الذي نهى عنه ، وهي اثنتا عشرة خصلة ﴿عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهاً﴾ ومبغوضا.
__________________
(١) في الكافي والعياشي : لله أنت ، وفي من لا يحضره الفقيه والتهذيب : يالله أنت. وفي الصافي : تالله أنت.
(٢) تفسير العياشي ٣ : ٥٢ / ٢٥٢٠ ، من لا يحضره الفقيه ١ : ٤٥ / ١٧٧ ، التهذيب ١ : ١١٦ / ٣٠٤ ، الكافي ٦ : ٤٣٢ / ١٠ ، تفسير الصافي ٣ : ١٩٢.
(٣) علل الشرائع : ٦٠٦ / ٨٠ ، تفسير الصافي ٣ : ١٩٢.
(٤) في النسخة : المشي عن الخيلاء.
(٥) تفسير القمي ٢ : ٢٠ ، تفسير الصافي ٣ : ١٩٣.
(٦) من لا يحضره الفقيه ٢ : ٣٨٣ / ١٦٢٧ ، تفسير الصافي ٣ : ١٩٣.