ملك ، ويقول : إنّي نصبت لكم أئمة ليهدوكم ، أكذبتموهم ولم تتفكّروا في دليل امامتهم ؟ ! ﴿وَوَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ﴾ وحلّ العذاب بهم ﴿بِما ظَلَمُوا﴾ به أنفسهم من التكذيب بالآيات ﴿فَهُمْ لا يَنْطِقُونَ﴾ ولا يقدرون على التكلّم بالعذر وغيره ، لشدة هول ما يشاهدون من أنواع العذاب ، أو للختم على أفواههم.
﴿أَ لَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا اللَّيْلَ لِيَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهارَ مُبْصِراً إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ
يُؤْمِنُونَ * وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلاَّ
مَنْ شاءَ اللهُ وَكُلٌّ أَتَوْهُ داخِرِينَ (٨٦) و (٨٧)﴾
ثمّ أنّه تعالى بعد إرعابهم بذكر أهوال القيامة ، بيّن دليلا قاطعا على التوحيد والمعاد بقوله : ﴿أَ لَمْ يَرَوْا﴾ هؤلاء المشركون المنكرون للمعاد ببصيرة قلوبهم ﴿أَنَّا جَعَلْنَا اللَّيْلَ﴾ المظلم ﴿لِيَسْكُنُوا﴾ عن الحركة ويستريحوا ﴿فِيهِ﴾ من التعب بالنوم والقرار ﴿وَالنَّهارَ مُبْصِراً﴾ ومضيئا ليبصروا فيه طرق التقلّب في معاشهم ﴿إِنَّ فِي ذلِكَ﴾ المذكور من جعل الليل والنهار كما وصفا ﴿لَآياتٍ﴾ عظيمة وبراهين واضحة على التوحيد والمعاد ﴿لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾ فانّ من كان قدرته وحكمته بحيث يقلّب الليل والنهار ، ويعقب النور بالظلمة وبالعكس ، كان متوحدا بالالوهية ، وقادرا على تقليب الحياة إلى الموت ، والموت إلى الحياة مع اقتضاء الحكمة ذلك.
ثمّ عاد سبحانه إلى بيان أهوال القيامة ازديادا لإرعاب القلوب بقوله : ﴿وَيَوْمَ يُنْفَخُ﴾ النفخة الاولى أو الثانية ﴿فِي الصُّورِ﴾ والقرن الذي بيد إسرافيل ، وهو نافخه مرة للموت واخرى للحشر ﴿فَفَزِعَ﴾ وخاف من هول صوته خوفا موجبا للنّفار ﴿مَنْ فِي السَّماواتِ﴾ السبع من الملائكة ﴿وَمَنْ فِي الْأَرْضِ﴾ من الجنّ والإنس ﴿إِلَّا مَنْ شاءَ اللهُ﴾ ثبات قلبه وعدم فزعه ، وهم الملائكة أو ساداتهم كجبرئيل وميكائيل وإسرافيل وعزرائيل ، أو خزنة الجنّة والنار ، أو خصوص إسرافيل ، أو الحور العين أو الحور وخزنة جهنم ، أو حملة العرش.
وعن جابر : أنّ موسى منهم حيث صعق مرّة (١) .
وعن النبي صلىاللهعليهوآله : « أنّهم الشهداء » (٢) .
﴿وَكُلٌ﴾ منهم ﴿أَتَوْهُ﴾ وحضروا بعد النفخة الثانية في الموقف حال كونهم ﴿داخِرِينَ﴾ وذليلين
__________________
(١) تفسير الرازي ٢٤ : ٢٢٠.
(٢) تفسير الطبري ٢٠ : ١٣ ، تفسير الرازي ٢٤ : ٢٢٠ ، نسبه إلى القيل ، مجمع البيان ٧ : ٣٧٠.