في تفسير سورة الحجّ
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
﴿يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَرَوْنَها تَذْهَلُ
كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذاتِ حَمْلٍ حَمْلَها وَتَرَى النَّاسَ سُكارى
وَما هُمْ بِسُكارى وَلكِنَّ عَذابَ اللهِ شَدِيدٌ (١) و (٢)﴾
ثمّ لمّا ختم الله سورة الأنبياء المبتدئة بتهديد المشركين باقتراب القيامة ، وذمّهم على غفلتهم عنها ، وإعراضهم عن آيات الله ، وجدالهم في رسالة رسوله ، ونسبة معجزاته إلى السحر ، المختتمة بأمر نبيّه صلىاللهعليهوآله بدعوة الناس إلى التوحيد ، وتهديدهم على الشرك ، وحكاية شكاية نبيّه صلىاللهعليهوآله إلى ربّه من تمرّدهم ، أردفت بسورة الحجّ المبتدئة بتحذير الناس عن الشرك ، وتهديد المشركين بأهوال القيامة ، وذمّهم على مجادلة الرسول ، واستدلاله تعالى على المعاد ، المختتمة بتسلية الرسول صلىاللهعليهوآله في مجادلة قومه ، وأمر المؤمنين بجهادهم ، وتوجّههم إلى عبادة الله والتوكّل عليه ، ووعدهم بالنصر ، فأبتدأها بذكر الأسماء المباركات بقوله : ﴿بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ.﴾
ثمّ شرع سبحانه فيها بتحذير الناس عن الشّرك بقوله : ﴿يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ﴾ واحذروا عذابه بقبول التوحيد والتوبة من الشرك والعصيان ﴿إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ﴾ التي تكون حين طلوع الشمس من مغربها ، أو حين قيام الساعة ﴿شَيْءٌ عَظِيمٌ﴾ لا يحيط به الوصف ، وأمر شديد لا يحويه البيان.
عن ابن عباس : أنّ زلزلة الساعة حين قيامها (١) .
وعن النبيّ صلىاللهعليهوآله في حديث الصّور : « أنّه قرن عظيم ينفخ فيه ثلاث نفخات : نفخة الفزع ، ونفخة الصعقة ، ونفخة [ القيام ] لربّ العالمين ، وأنّ عند نفخة الفزع يسيّر [ الله ] الجبال ، وترجف الأرض الراجفة تتبعها الرادفة ، قلوب يومئذ واجفة ، وتكون الأرض كالسفينة تضربها الأمواج أو كالقنديل المعلّق ترجرجه الرياح » (٢) .
__________________
(١) تفسير أبي السعود ٦ : ٩١ ، تفسير روح البيان ٦ : ٢.
(٢) تفسير الرازي ٢٣ : ٢.