وعنه عليهالسلام : « معاشر النّاس ، التقوى التقوى ، إحذروا الساعة كما قال الله عزوجل : ﴿إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ ﴾(١) .
ثمّ بيّن سبحانه بعض آثار عظمة تلك الزّلزلة بقوله : ﴿يَوْمَ﴾ تشاهدون فيه الزّلزلة و﴿تَرَوْنَها﴾ ترون ﴿تَذْهَلُ﴾ وتغفل لهول مطّلعها ﴿كُلُ﴾ امرأة ﴿مُرْضِعَةٍ﴾ لولدها ﴿عَمَّا أَرْضَعَتْ﴾ وعن الطّفل الذي ألقمت ثديها في فيه مع غاية جهالة اهتمامها (٢) بإرضاعه ﴿وَتَضَعُ﴾ وتلقى ﴿كُلُ﴾ امرأة ﴿ذاتِ حَمْلٍ حَمْلَها﴾ وجنينها من بطنها لغير تمام.
القمي : كلّ امرأة تموت حاملة عند [ زلزلة ] الساعة تضع حملها يوم القيامة (٣) .
والظاهر أنّ الامور الثلاثة تمثيل لتهويل الأمر ﴿وَتَرَى﴾ أيّها السامع ﴿النَّاسَ﴾ في ذلك اليوم كأنّهم ﴿سُكارى﴾ من غاية البهت ﴿وَما هُمْ﴾ حقيقة ﴿بِسُكارى﴾ من الخمر ﴿وَلكِنَّ عَذابَ اللهِ شَدِيدٌ﴾ فمن هوله تطير عقولهم ويسلب تمييزهم.
روي أنّ هاتين الآيتين نزلتا باللّيل في غزوة بني المصطلق ، وهم حيّ من خزاعة ، فنادى رسول الله صلىاللهعليهوآله فاجتمع النّاس حوله ، فقرأهما عليهم ، فلم ير أكثر باكيا من تلك اللّيلة ، فلمّا أصبحوا لم يحطّوا السّروج ، ولم يضربوا الخيام ، ولم يطبخوا القدور ، والناس بين باك وجالس حزين متفكّر ، فقال صلىاللهعليهوآله : « أتدرون أيّ ذلك اليوم [ هو ] ؟ » قالوا : الله ورسوله أعلم ، قال : « ذلك يوم يقول الله لآدم : قم فابعث بعث النار من ولدك ، فيقول آدم : وما بعث النار ؟ يعني من كم [ وكم ] ، فيقول الله عزوجل : من كلّ ألف تسعمائة وتسعة وتسعون إلى النّار وواحد إلى الجنّة ، فعند ذلك يشيب الصّغير ، وتضع كلّ ذات حمل حملها ، وترى النّاس سكارى » .
فكبر ذلك على المؤمنين ، وبكوا وقالوا : فمن ينجو يا رسول الله ؟ فقال : « ابشروا وسدّدوا وقاربوا ، فإنّ معكم خليقتين ما كانا في قوم إلّا كثّرتاه : يأجوج ومأجوج » .
ثمّ قال : « إنّي لأرجو أن تكونوا ربع أهل الجنّة فكبّروا » . ثمّ قال : « إنّي لأرجو أن تكونوا نصف أهل الجنّة » فكبّروا وحمدوا الله ، ثمّ قال : « إنّي لأرجو أن تكونوا ثلثي أهل الجنّة ، إنّ أهل الجنّة مائة وعشرون صفا ، ثمانون منها امّتي ، وما المسلمون في الكفّار إلّا كالشّامة في جنب البعير ، أو كالشّعرة البيضاء في الثّور الأسود » .
ثمّ قال : « ويدخل من امّتي سبعون ألفا في الجنّة بغير حساب » فقال عمر : سبعون ألفا ؟ قال : « نعم ،
__________________
(١) الاحتجاج : ٦٥ ، تفسير الصافي ٣ : ٣٦١.
(٢) في النسخة : واهتمامها.
(٣) تفسير القمي ٢ : ٧٨ ، تفسير الصافي ٣ : ٣٦١.