( بسم الله الرحمن الرحيم ) فروا عنه (١) .
وعن العياشي ، عنه عليهالسلام : « كان رسول الله صلىاللهعليهوآله إذا صلّى بالناس جهر ببسم الله الرحمن الرحيم ، فتخلّف من خلفه من المنافقين عن الصفوف ، فاذا جازها في السورة عادوا إلى مواضعهم ، وقال بعضهم لبعض : إنّه ليرّدد اسم ربّه تردادا ، إنّه ليحبّ ربّه ، فأنزل الله ﴿وَإِذا ذَكَرْتَ﴾ الآية » (٢) .
﴿نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَسْتَمِعُونَ بِهِ إِذْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ وَإِذْ هُمْ نَجْوى إِذْ يَقُولُ
الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلاَّ رَجُلاً مَسْحُوراً (٤٧) انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثالَ
فَضَلُّوا فَلا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلاً (٤٨)﴾
ثمّ هدّد الله المستهزئين بالقرآن بقوله : ﴿نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَسْتَمِعُونَ﴾ وبالوجه الذي يصغون ﴿بِهِ﴾ من الاستهزاء والتكذيب ﴿إِذْ يَسْتَمِعُونَ﴾ وحين يصغون ﴿إِلَيْكَ﴾ وأنت تتلو القرآن ﴿وَإِذْ هُمْ نَجْوى﴾ وحين يسارّون في شأنك ﴿إِذْ يَقُولُ الظَّالِمُونَ﴾ والمتجاوزون عن حدّ العقل في نجواهم ومسارّتهم : إنكم إن اتّبعتم محمّدا فيما يدعوكم إليه ﴿إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلاً مَسْحُوراً﴾ ومجنونا أو مخدوعا خدعه الذين علّموه ، أو خدعه الشيطان ، فأوهمه أنّه ملك.
ثمّ أظهر التعجّب من مقالاتهم الواهية بقوله : ﴿انْظُرْ﴾ يا محمّد نظر التعجّب إلى هؤلاء الحمقاء ﴿كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثالَ﴾ وقالوا فيك ما لا يجوز أن يقال من قولهم : هو شاعر ، أو كاهن ، أو مجنون ، أو ساحر ﴿فَضَلُّوا﴾ عن منهاج الحقّ أو الحجاج ﴿فَلا يَسْتَطِيعُونَ﴾ أن يجدوا ﴿سَبِيلاً﴾ إليه ، ولا يمكنهم الطعن فيك بما يقبله العقل.
نقل الفخر الرازي عن المفسّرين أنّه أمر رسول الله صلىاللهعليهوآله عليا عليهالسلام أن يتّخذ طعاما ويدعو إليه أشراف قريش ، ففعل ودخل عليهم رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وقرأ عليهم القرآن ، ودعاهم إلى التوحيد ، وقال : « قولوا لا اله إلّا الله حتى تطيعكم العرب ، وتدين لكم العجم » ، فأبوا ذلك عليه ، وكانوا عند استماعهم القرآن والدعوة إلى الله يقولون بينهم متناجين : هو ساحر ، أو هو مسحور ، وما أشبه ذلك ، فنزلت الآية (٣) .
وعن ابن عبّاس : أنّ أبا سفيان والنّضر بن الحارث وأبا جهل وغيرهم كانوا يجالسون النبي صلىاللهعليهوآله ويستمعون إلى حديثه ، فقال النّضر يوما : ما أدري ما يقول محمّد ، غير أنّي أرى شفتيه تتحرّك بشيء.
__________________
(١) تفسير القمي ٢ : ٢٠ ، تفسير الصافي ٣ : ١٩٥.
(٢) تفسير العياشي ٣ : ٥٥ / ٢٥٣١ ، تفسير الصافي ٣ : ١٩٦.
(٣) تفسير الرازي ٢٠ : ٢٢٣.