لقب إلياس (١) . وقيل : خمسة من الأنبياء سمّاهم الله باسمين : إسرائيل ويعقوب ، إلياس وذو الكفل ، عيسى والمسيح ، يونس وذو النون ، محمّد وأحمد (٢) .
وقيل : وجه تسميته ذي الكفل ، أنّه تكفّل ضعف عمل الأنبياء في زمانه ، وضعف ثوابهم (٣) .
وقيل : إنّه لم يكن نبيّا ، بل كان عبدا صالحا (٤) .
﴿وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنادى فِي الظُّلُماتِ أَنْ لا
إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ * فَاسْتَجَبْنا لَهُ وَنَجَّيْناهُ مِنَ الْغَمِّ
وَكَذلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ (٨٨)﴾
ثمّ ذكر الله نعمته على يونس عليهالسلام باستجابة دعائه ونجاته من بطن الحوت بقوله : ﴿وَذَا النُّونِ﴾ وصاحب الحوت وهو يونس بن متّى ، قيل : إنّ متّى اسم أبيه واسم امه بذورة (٥) ، وقيل : متّى اسم امّه ، وكانت من ولد هارون (٦) . وقيل : يعني اذكر خبره (٧)﴿إِذْ ذَهَبَ﴾ من بين قومه - وهم أهل نينوى - حال كونه ﴿مُغاضِباً﴾ ومراغما لهم إلى البحر.
عن ابن عباس : كان يونس وقومه يسكنون فلسطين ، فغزاهم ملك وسبى منهم تسعة أسباط ونصفا وبقي سبطان ونصف ، فأوحى الله إلى شعيب عليهالسلام : أن اذهب إلى حزقيل الملك ، وقل له حتى يوجّه نبيّا قويّا أمينا ، فإنّي ألقي في قلوب اولئك أن يرسلوا معه بني إسرائيل ، فقال له الملك : فمن ترى - وكان في ممكلته خمسة من الأنبياء ؟ - فقال : يونس بن متّى ، فإنّه قويّ أمين ، فدعا الملك بيونس ، وأمره أن يخرج ، فقال يونس عليهالسلام : هل أمرك الله بإخراجي ؟ قال : لا ، قال : فهل سمّاني لك ؟ قال : لا ، قال : فها هنا أنبياء غيري ، فألحّوا عليه ، فخرج مغاضبا للملك ولقومه (٨) .
﴿فَظَنَ﴾ يونس عليهالسلام ﴿أَنْ لَنْ نَقْدِرَ﴾ ولن نضيّق ﴿عَلَيْهِ﴾ بإيجاب الإقامة في القوم ، أو إيجاب الخروج إلى الملك ، بل نوسّع عليه بتخييره بين الإقامة والخروج ، فكان هذا وجه عدم تعمّده المعصية حيث ظنّ أنّ الأمر في خروجه موسّع عليه ، يجوز له تقديمه وتأخيره ، وكان الصلاح خلافه. أو المراد تمثيل حاله بحال من يظنّ أن لن نقدر عليه في خروجه من قومه من غير انتظار أمر الله تعالى. أو المراد فظنّ أن لن نقضي عليه بالشدّة ، كما عن ابن عباس وجمع من المفسرين (٩) .
__________________
(١ و٢) تفسير الرازي ٢٢ : ٢١١.
(٣) تفسير الرازي ٢٢ : ٢١٠.
(٤) تفسير الرازي ٢٢ : ٢١١.
(٥) تفسير روح البيان ٥ : ٥١٦ ، وفيه : امّه بدورة.
(٦ و٧) تفسير روح البيان ٥ : ٥١٦.
(٨) تفسير الرازي ٢٢ : ٢١٢.
(٩) تفسير الرازي ٢٢ : ٢١٥.