وأذى قومهم ﴿وَأَدْخَلْناهُمْ فِي رَحْمَتِنا﴾ الخاصّة من النبوة والزّلفى ﴿إِنَّهُمْ مِنَ الصَّالِحِينَ﴾ والكاملين في الصفات الحميدة والأخلاق الكريمة والأعمال الحسنة.
عن ابن عباس : أنّ نبيّا من أنبياء بني إسرائيل آتاه الله الملك والنبوّة ، ثمّ أوحى الله إليه : أنّي اريد أن أقبض روحك ، فاعرض ملكك على بني إسرائيل ، فمن تكفّل لك أن يصلّي باللّيل حتى يصبح ، ويصوم بالنّهار ولا يفطر ، ويقضي بين الناس ولا يغضب ، فادفع ملكك إليه.
فقام ذلك النبيّ في بني إسرائيل ، وأخبرهم بذلك ، فقام شابّ وقال : أنا أتكفّل لك بهذا. فقال : في القوم من هو أكبر منك فأقعد ، ثمّ صاح الثانية والثالثة فقام الرجل وقال : أنا أتكفّل لك بهذه الثلاث ، فدفع إليه ملكه ووفى بما ضمن ، فحسده إبليس ، فأتاه في وقت يريد أن يقيل فقال : إنّ لي غريما مطلني حقّي ، و[ قد ] دعوته إليك فأبى ، [ فأرسل معي من يأتيك به ] فأرسل معه وقعد حتى فاتته القيلولة ، وعاد إلى صلاته وصلّى ليله إلى الصبح ، ثمّ أتاه من الغد عند القيلولة ، فقال : إنّ الرجل الذي أستأذنتك له في موضع كذا ، فلا تبرح حتى آتيك به ، فذهب وبقي هو منتظرا حتى فاتته القيلولة ، ثمّ أتاه فقال له : هرب منّى ، فمضى ذو الكفل إلى صلاته ، فصلّى ليلته حتى أصبح ، فأتاه إبليس وعرّفه نفسه (١) .
قال الفخر : ذكر عليّ عليهالسلام نحو ما ذكره ابن عبّاس ، وزاد : « أنّ ذا الكفل قال للبوّاب في اليوم الثالث : قد غلب عليّ النّعاس ، فلا تدعنّ أحدا يقرب هذا الباب حتى أنام ، فإنّي قد شقّ عليّ النعاس ، فجاء إبليس فلم يأذن له البوّاب ، فدخل من كوّة في البيت ، وتسوّر فيها ، فإذا هو يدقّ الباب من داخل ، فاستيقظ الرجل ، وعاتب البوّاب ، فقال : أمّا من قبلي فلم يأت ، فقام إلى الباب ، فإذا هو مغلق ، وإبليس على صورة شيخ معه في البيت ، فقال له : أتنام والخصوم على الباب فعرفه ، فقال : أنت إبليس ؟ قال نعم ، أعييتني في كلّ شيء ، ففعلت هذه الأفعال لأغضبنّك ، فعصمك الله منّي ، فسمّي ذا الكفل ، لأنّه [ قد ] وفى بما تكفّل به » (٢) .
وعن مجاهد : لمّا كبر اليسع قال : لو أنّي استخلفت رجلا على الناس في حياتي حتى أنظر كيف يعمل ؟ فجمع الناس وقال : من يتقبّل منّي ثلاثا حتى أستخلفه (٣) ، وذكر الثلاث المذكورة.
وقيل : إنّه لقب زكريا (٤) . وقيل : لقب يوشع بن نون ، كما عن الرضا ، عن أمير المؤمنين عليهماالسلام (٥) . وقيل :
__________________
(١) تفسير الرازي ٢٢ : ٢١٠.
(٢-٤) تفسير الرازي ٢٢ : ٢١١.
(٥) عيون أخبار الرضا عليهالسلام ١ : ٢٤٥ / ١ ، تفسير الصافي ٣ : ٣٥١.