الآداب دلالة واضحة ، لتتّعظوا بها وتتأدّبوا باداب الله ﴿وَاللهُ عَلِيمٌ﴾ بمصالح عباده وأحوالهم الظاهرة والباطنة ﴿حَكِيمٌ﴾ في أحكامه وتدابيره.
﴿إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ فِي
الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (١٩)﴾
ثمّ أنّه تعالى بعد ذمّ الرامين بالفحش والجائين بالإفك وإيعادهم بالعذاب ، بيّن اشتراك المحبّين لإشاعة الفواحش بين المؤمنين في جميع ذلك بقوله : ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ﴾ ويريدون ﴿أَنْ تَشِيعَ الْفاحِشَةُ﴾ وتنتشر القبائح العظيمة ﴿فِي الَّذِينَ آمَنُوا﴾ بقلوبهم وألسنتهم ﴿لَهُمْ﴾ بسبب ذلك ﴿عَذابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيا﴾ من الحدّ والفضيحة ﴿وَ﴾ في ﴿الْآخِرَةِ﴾ من النار وسائر الشدائد ﴿وَاللهُ يَعْلَمُ﴾ خفيّات الامور وجليّاتها ، وضمائر العباد وظواهرهم ، فيجازيهم على ضمائرهم كما يجازيهم على ظواهرهم ﴿وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ﴾ إلّا ما علّمكم الله من ظواهرهم ، فعاملوهم بها.
عن النبي صلىاللهعليهوآله : « إني لأعرف قوما يضربون صدروهم ضربا يسمعه أهل النار ، وهم الهمّازون اللّمازون الذين يلتمسون عورات المسلمين ، ويهتكون ستورهم ، ويشيعون فيهم من الفواحش ما ليس فيهم » (١) .
وعنه صلىاللهعليهوآله : « لا يستر عبد مؤمن عورة مؤمن إلّا ستره الله يوم القيامة » (٢) .
وعنه صلىاللهعليهوآله : « المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده ، والمهاجر من هاجر (٣) ما نهى الله عنه » (٤) .
وعن الصادق عليهالسلام : « من قال في مؤمن ما رأته عيناه وسمعته اذناه ، فهو من الذين قال الله عزوجل : ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ﴾ الآية » (٥) .
وعن الكاظم عليهالسلام أنه قيل له : الرجل من إخواني يبلغني عنه الشيء الذي أكرهه ، فأسأله عنه فينكر ذلك ، وقد أخبرني عنه قوم من الثقات ؟ فقال : « كذّب سمعك وبصرك عن أخيك ، وإن شهد عندك خمسون قسامة ، وقال لك قولا فصدّقه وكذّبهم ، ولا تذيعن عليه شيئا تشينه به وتهدم به مروءته ، فتكون من الذين قال الله تعالى : ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ﴾ الآية » (٦) .
وعن الصادق عليهالسلام : قال : « قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : من أذاع فاحشة كان كمبتديها » (٧) .
__________________
(١) تفسير الرازي ٢٣ : ١٨٣.
(٢) تفسير الرازي ٢٣ : ١٨٣.
(٣) في تفسير الرازي : هجر.
(٤) تفسير الرازي ٢٣ : ١٨٣.
(٥) تفسير القمي ٢ : ١٠٠ ، الكافي ٢ : ٢٦٦ / ٢ ، أمالي الصدوق : ٤١٧ / ٥٤٩ ، تفسير الصافي ٣ : ٤٢٦.
(٦) الكافي ٨ : ١٤٧ / ١٢٥ ، تفسير الصافي ٣ : ٤٢٦.
(٧) الكافي ٢ : ٢٦٥ / ٢ ، تفسير الصافي ٣ : ٤٢٦.