عن الرضا عليهالسلام قال : « أتدري ما التقدير ؟ » قيل : لا. قال : « هو وضع الحدود من الآجال والأرزاق والبقاء والفناء » (١) .
﴿وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ
ضَرًّا وَلا نَفْعاً وَلا يَمْلِكُونَ مَوْتاً وَلا حَياةً وَلا نُشُوراً * وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ
هَذا إِلاَّ إِفْكٌ افْتَراهُ وَأَعانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ فَقَدْ جاؤُ ظُلْماً وَزُوراً * وَقالُوا
أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَها فَهِيَ تُمْلى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً (٣) و (٥)﴾
ثمّ وبّخ المشركين العابدين لغيره بقوله : ﴿وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ﴾ وممّا سواه ﴿آلِهَةً﴾ كثيرة ، ومعبودين وفيرون (٢) من الأصنام والأوثان مع أنّهم ﴿لا يَخْلُقُونَ﴾ من الموجودات ﴿شَيْئاً﴾ وإن كان حقيرا ، ولا يقدرون على إيجاد شيء وإن كان يسيرا ﴿وَهُمْ يُخْلَقُونَ﴾ بقدرة الغير وهواه كسائر الموجودات ﴿وَلا يَمْلِكُونَ﴾ ولا يستطيعون ﴿لِأَنْفُسِهِمْ﴾ التي هي أعزّ الأنفس عند ذوي الشعور أن يدفعوا ﴿ضَرًّا وَلا﴾ أن يجلبوا (٣)﴿نَفْعاً﴾ فكيف لغيرهم ﴿وَلا يَمْلِكُونَ﴾ أن يوجدوا ﴿مَوْتاً﴾ لحيّ ﴿وَلا حَياةً﴾ لميّت ﴿وَلا نُشُوراً﴾ وبعثا من القبور للجزاء يوم القيامة ، وفيه تنبيه على أنّ القدرة على الإحياء والإماته والبعث للجزاء من لوازم الالوهية ، فمن لا يقدر عليها فهو بمعزل من الالوهية.
ثمّ أنّه تعالى بعد إثبات التوحيد وإبطال الشرك ، شرع في إثبات نبوة خاتم الأنبياء وردّ شبهات منكريها بقوله : ﴿وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ بنبوة محمد صلىاللهعليهوآله : ﴿إِنْ هَذا﴾ القرآن الذي يستدلّ به على نبوته ما هو ﴿إِلَّا إِفْكٌ﴾ وكذب وشيء مصروف عمّا هو عليه من الباطل إلى صورة الحقّ هو ﴿افْتَراهُ﴾ واختلقه من عند نفسه ﴿وَأَعانَهُ﴾ وساعده ﴿عَلَيْهِ﴾ في إخباره بتواريخ الامم الماضية لكونه اميا لم يقرأ الكتب ﴿قَوْمٌ آخَرُونَ﴾ مطّلعون على كتب التواريخ من اليهود.
قيل : نزلت في النّضر بن الحارث ، فانّه الذي قال هذا القول ، والمقصود من القوم الآخرين عداس مولى حويطب بن عبد العزّى ، ويسار غلام عامر بن الحضرمي ، وجبير (٤) مولى عامر ، فإنّهم كانوا من أهل الكتاب ، وكانوا يقرؤن التوراة ، ويحدّثون منها أحاديث ، فلمّا أسلموا كان النبيّ صلىاللهعليهوآله يتعهّدهم ، فلذا قال النظر ذلك (٥) .
__________________
(١) تفسير القمي ١ : ٢٤ ، تفسير الصافي ٤ : ٤.
(٢) في النسخة : وفيرة.
(٣) في النسخة : ( ضرا ) أو يجلبوا.
(٤) في تفسير الرازي : وجبر.
(٥) تفسير الرازي ٢٤ : ٥٠.