قول الله تعالى : ﴿وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهارَ آيَتَيْنِ﴾ الآية » (١) .
وعن ( الاحتجاج ) : قال ابن الكوّاء لأمير المؤمنين عليهالسلام : أخبرني عن المحو الذي يكون في القمر. فقال : « الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر ، رجل أعمى يسأل عن مسألة عمياء ! أما سمعت الله يقول : ﴿وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنا آيَةَ النَّهارِ مُبْصِرَةً ﴾(٢) .
وعن الصادق عليهالسلام : « لمّا خلق الله القمر كتب عليه : لا إله إلّا الله ، محمّد رسول الله ، عليّ أمير المؤمنين ، وهو السواد الذي ترونه » (٣) .
﴿وَكُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ كِتاباً يَلْقاهُ مَنْشُوراً
* اقْرَأْ كِتابَكَ كَفى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً (١٣) و (١٤)﴾
ثمّ وصف الله القرآن بكونه هاديا للملّة الأقوم ، ونهارا مبصرا ومفصّلا لكلّ شيء ومتمّما للحجّة ، هدّد المخالفين له بقوله : ﴿وَكُلَ﴾ فرد من أفراد ﴿إِنسانٍ﴾ مكلّف من العرب والعجم والأسود والأحمر ﴿أَلْزَمْناهُ﴾ وقلّدناه ﴿طائِرَهُ﴾ وعمله ، خيرا أو شرّا ﴿فِي عُنُقِهِ﴾ فان كان خيرا يكون له زينة ، وإن كان شرا كان غلّا وشينا على رقبته.
عن الباقر عليهالسلام : « خيره وشرّه معه حيث كان لا يستطيع فراقه » (٤) .
﴿وَنُخْرِجُ لَهُ﴾ من قبره ، أو نظهر له من ستر الخفاء ومن مكتب الآخرة ﴿يَوْمَ الْقِيامَةِ﴾ ووقت المحاسبة ﴿كِتاباً﴾ مسطورا فيه عمله من النّقير والقطمير بيد الرقيب والعتيد وهو ﴿يَلْقاهُ﴾ ويجده ﴿مَنْشُوراً﴾ ومبسوطا ، وحينئذ يقول الله بلسان الملائكة : يا فلان ﴿اقْرَأْ كِتابَكَ.﴾
قيل : إنّ الكافر يقول : يا ربّ إنك [ قضيت أنك ] لست بظلام للعبيد ، فاجعلني احاسب نفسي. فيقال له : ﴿اقْرَأْ كِتابَكَ كَفى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً﴾(٥) ومحاسبا.
وقال بعض العامة : إنّ الكتاب هي النفس التي انتقشت فيها الأحوال والأعمال الدنيوية والاخروية ، فما دامت الروح مشغولة بتدبير البدن ، كانت تلك الآثار مخفية عنها ، فكأنه كان ذلك الكتاب مطويا ، فبعد انقطاع علاقة الروح من الجسد ، وقيامها من مكانها ، وصعودها إلى العالم العلوي ، تشاهد القوة العاقلة تلك الآثار المكتوبة بالكتابة الذاتية في جوهر الروح والنفس ، فكأنّ الكتاب صار منشورا بعد ما كان مطويا ، فقال للانسان في تلك الحالة : ﴿اقْرَأْ كِتابَكَ﴾(٦) .
__________________
(١) علل الشرائع : ٤٧٠ / ٣٣ ، تفسير الصافي ٣ : ١٨١.
(٢) الاحتجاج : ٢٦٠ ، تفسير الصافي ٣ : ١٨١.
(٣) الاحتجاج : ١٥٨ ، تفسير الصافي ٣ : ١٨١.
(٤) تفسير القمي ٢ : ١٧ ، تفسير الصافي ٣ : ١٨٢.
(٥) تفسير الرازي ٢٠ : ١٦٩.
(٦) تفسير الرازي ٢٠ : ١٧٠.