في تفسير سورة الشعراء
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
﴿طسم * تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ * لَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ أَلاَّ يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ
* إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ (١) و (٤)﴾
ثمّ لمّا ختم سبحانه السورة المباركة ببيان أنّ الغرض من الخلق الايمان والعبادة ، وأنّه يعذّب مكذّب الرسول على تكذيبه بأشدّ العذاب ، أردفها في النّظم بسورة الشعراء المتضمّنة لبيان عظمة القرآن ، وإصرار النبيّ صلىاللهعليهوآله على إيمان قومه ، وامتناعهم منه ، وتهديدهم بما وقع على الامم السابقة من العذاب على تكذيب الرسل ، وذكر بعض أدلّة التوحيد ، ودفع بعض شبهات المشركين في الرسالة.
فابتدأ سبحانه فيها على حسب دأبه في الكتاب الكريم بذكر الأسماء المباركات بقوله : ﴿بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ﴾ ثمّ افتتحها بذكر الحروف المقطّعة بقوله : ﴿طسم﴾ للحكم التي سبق ذكرها في بعض الطرائف (١) ، ومرّ فيها بعض ما لها من التأويل.
وعن ابن عباس في ﴿طسم﴾ عجرت العلماء عن تفسيرها (٢) .
وروى بعض العامة عن عليّ عليهالسلام : « أنّه لمّا نزل ﴿طسم﴾ على رسول الله صلىاللهعليهوآله قال : طاء : طور سيناء ، وسين : اسكندرية ، وميم : مكّة » (٣) .
وروى بعضهم عن الصادق عليهالسلام أنه قال : « أقسم الله بشجرة طوبى ، وسدرة المنتهى ، ومحمّد المصطفى في القرآن بقوله : ﴿طسم﴾ فالطاء : شجرة طوبى ، والسين سدرة المنتهى ، والميم : محمد المصطفى » (٤) .
وفي ( المعاني ) عنه عليهالسلام : « وأمّا ﴿طسم﴾ فمعناه أنا الطالب السميع المبدي المعيد » (٥) .
ثمّ ذكر سبحانه جواب القسم ، وهو عظمة القرآن وإعجازه بقوله : ﴿تِلْكَ﴾ السورة أو الآيات التي
__________________
(١) راجع : الطرفة (١٨) من مقدمة المؤلف.
(٢) تفسير روح البيان ٦ : ٢٥٨.
(٣) مجمع البيان ٧ : ٢٨٨ ، تفسير الصافي ٤ : ٢٩ ، تفسير روح البيان ٦ : ٢٥٨.
(٤) تفسير روح البيان ٦ : ٢٥٩.
(٥) معاني الأخبار : ٢٢ / ١ ، تفسير الصافي ٤ : ٢٩.