﴿وَرُسُلِي﴾ جميعا ﴿هُزُواً﴾ وسخرية.
﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ كانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلاً * خالِدِينَ
فِيها لا يَبْغُونَ عَنْها حِوَلاً (١٠٧) و (١٠٨)﴾
ثمّ لمّا ذكر سبحانه وعيد الكفّار بإعداد جهنّم نزلا ، أتبعه بوعد المؤمنين الصّالحين بجعل الفردوس نزلا لهم بقوله : ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ بوحدانيّة الله ورسالة رسوله ﴿وَعَمِلُوا﴾ الأعمال ﴿الصَّالِحاتِ﴾ التي هي من لوازم الإيمان ودليل صدقه في الدنيا ﴿كانَتْ لَهُمْ﴾ في الآخرة ﴿جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ﴾ التي هي أفضل الجنّات ﴿نُزُلاً﴾ ومأوى ، أو تشريفا ، حال كونهم ﴿خالِدِينَ﴾ ومقيمين ﴿فِيها﴾ أبدا ﴿لا يَبْغُونَ﴾ ولا يطلبون ﴿عَنْها حِوَلاً﴾ وانتقالا إلى أحسن وأعلى منها ، إذ لا مزيد عليها ولا ملالة من الإقامة فيها.
قيل : إنّ الفردوس ربوة خضراء في الجنّة أعلاها وأحسنها ، ويقال لها سرّة الجنّة (١) .
وفي الحديث : « الجنّة مائة درجة ، ما بين كلّ درجتين كما بين السماء والأرض ، والفردوس أعلاها ، فيها تتفجّر الأنهار الأربعة ، وفوقها عرش الرحمن ، فإذا سألتم الله فأسألوا الفردوس » (٢) .
وفي حديث آخر : « جنّات الفردوس أربع ؛ جنّتان من فضّة ، أبنيتهما (٣) وما فيهما من فضّة ، وجنّتان من ذهب ، أبنيتهما وما فيهما من ذهب » (٤) .
وعن كعب : ليس في الجنان أعلى من جنّة الفردوس ، وفيها الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر (٥) .
القمي رحمهالله : هذه الآية نزلت في أبي ذرّ ، والمقداد ، وسلمان الفارسي ، وعمّار بن ياسر ، جعل الله عزوجل لهم جنّات الفردوس نزلا ، أي : مأوى ومنزلا (٦) .
﴿قُلْ لَوْ كانَ الْبَحْرُ مِداداً لِكَلِماتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِماتُ رَبِّي وَلَوْ
جِئْنا بِمِثْلِهِ مَدَداً * قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ
فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ
__________________
(١) مجمع البيان ٦ : ٧٦٩ ، تفسير الصافي ٣ : ٢٦٨ ، تفسير روح البيان ٥ : ٣٠٦.
(٢) تفسير الرازي ٢١ : ١٧٥ ، تفسير روح البيان ٥ : ٣٠٦.
(٣) في تفسير روح البيان : آنيتها ، وكذا التي بعدها.
(٤) تفسير روح البيان ٥ : ٣٠٦.
(٥) تفسير أبي السعود ٥ : ٢٥٠.
(٦) تفسير القمي ٢ : ٤٦ ، تفسير الصافي ٣ : ٢٦٨.