وقيل : إنّ الظنّ بمعنى الخطور بالبال ، وإن دفعه بالحجّة (١) . وقيل : إنّه استفهام توبيخي ، والمعنى أفظنّ أن لن نقدر عليه ؟ ! (٢)
عن الرضا عليهالسلام أنّه سئل عن هذه الآية فقال : « ذاك يونس بن متّى ، ذهب مغاضبا لقومه ﴿فَظَنَ﴾ يعني استيقن أن لن ﴿نَقْدِرَ عَلَيْهِ﴾ أي لن نضيّق عليه رزقه » (٣) الخبر.
وفي رواية اخرى عنه عليهالسلام : « ولو ظنّ أنّ الله لا يقدر لكان قد كفر » (٤) .
وعن الباقر عليهالسلام في قوله : ﴿إِذْ ذَهَبَ مُغاضِباً﴾ يقول : « من أعمال قومه ﴿فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ﴾ يقول : ظنّ أن لن نعاقبه بما صنع » (٥) .
عن النبي صلىاللهعليهوآله : « إنّما وكّل الله يونس بن متّى إلى نفسه طرفة عين ، فكان منه ما كان » (٦) .
وعن الصادق عليهالسلام ما يقرب منه (٧) .
وعن ابن عباس : أنّه أتى يونس بحر الروم ، فوجد قوما هيّئوا سفينة فركب معهم ، فلمّا تلجّجت (٨) السفينة تكفّأت بهم ، وكادوا أن يغرقوا ، فقال الملّاحون : هاهنا رجل عاص أو عبد آبق ؛ لأنّ السفينة لا تفعل هذا من غير ريح إلّا وفيها رجل عاص ، ومن رسمنا أنّا إذا ابتلينا بمثل هذا البلاء أن نقرع ، فمن وقعت عليه القرعة القيناه في البحر ، لأنّه إن يغرق واحد خير من أن تغرق السفينة ، فأقرعوا ثلاث مرّات ، فوقعت القرعة فيها كلّها على يونس عليهالسلام ، فقال : أنا الرجل العاصي والعبد الآبق ، وألقى نفسه في البحر ، فجاء حوت فابتلعه ، فأوحى الله إلى الحوت : لا تؤذ منه شعرة ، فإنّي حعلت بطنك سجنا له ، ولم أجعله طعاما لك (٩) .
وفي رواية : أنّ جبرئيل قال ليونس : انطلق إلى أهل نينوى ، وأنذرهم أنّ العذاب قد حضرهم ، فقال يونس عليهالسلام : ألتمس دابّة. فقال : الأمر أعجل من ذلك ، فغضب وانطلق إلى السفينة ... ثمّ ساق الكلام كما سبق ، إلى أن قال : التقمه الحوت فانطلق إلى أن وصل إلى نينوى ، فألقاه هناك (١٠) .
أقول : أكثر المفسرين والعلماء على أن قضيّة إلقائه في البحر ، وابتلاع الحوت إياه ، كان بعد رسالته إلى أهل نينوى ودعوتهم ورفع العذاب عنهم بالتّوبة ، كما مرّت القصّة في سورة يونس.
وعن امّ سلمة ، عن النبيّ صلىاللهعليهوآله : « لمّا أراد الله حبس يونس عليهالسلام أوحى إلى الحوت أن خذه ولا تخدش له لحما ، ولا تكسر له عظما. فأخذه وهوى به إلى أسفل البحر ، فسمع يونس حسّا ، فقال في
__________________
(١ و٢) تفسير الرازي ٢٢ : ٢١٥.
(٣ و٤) عيون أخبار الرضا عليهالسلام ١ : ١٩٣ / ١ ، تفسير الصافي ٣ : ٣٥٢.
(٥ و٦) تفسير القمي ٢ : ٧٥ ، تفسير الصافي ٣ : ٣٥٢.
(٧) الكافي ٢ : ٤٢٣ / ١٥.
(٨) أي اضطربت.
(٩) تفسير الرازي ٢٢ : ٢١٢ ، روح البيان ٥ : ٥١٧ ، ولم ينسبه إلى ابن عباس.
(١٠) تفسير الرازي ٢٢ : ٢١٣.