الجنّة » (١) .
وعن الصادق عليهالسلام ، قال : « سأل علي عليهالسلام رسول الله صلىاللهعليهوآله عن تفسير هذه الآية ، قال : يا علي ، إنّ الوفد لا يكونون إلّا ركبانا ، اولئك رجال اتقوا الله ، فأحبّهم الله واختصّهم ورضى أعمالهم فسمّاهم المتّقين ، ثم قال : يا علي ، أما والّذي فلق الحبّة وبرأ النّسمة ، إنّهم ليخرجون من قبورهم وإنّ الملائكة لتستقبلهم بنوق من نوق العزّ عليها رحال الذّهب مكلّلة بالدّر والياقوت ، وجلالها الاستبرق والسّندس ، وخطامها جدل الأرجوان ، وزمامها من زبرجد ، فتطير بهم إلى المحشر ، مع كلّ رجل منهم ألف ملك من قدّامة وعن يمينه وعن شماله ، يزفّونهم زفّا حتى ينتهوا بهم إلى باب الجنّة الأعظم.
وعلى باب الجنّة شجرة ، الورقة منها يستظلّ تحتها مائة ألف من النّاس ، وعن يمين الشجرة عين مطهّرة مزكّية ، يسقون منها شربة شربة ، فيطهّر الله بها قلوبهم من الحسد ، ويسقط عن أبشارهم الشّعر ، وذلك قوله : ﴿وَسَقاهُمْ رَبُّهُمْ شَراباً طَهُوراً﴾(٢) من تلك العين المطهّرة ، ثمّ ينصرفون إلى عين اخرى عن يسار الشجرة فيغتسلون فيها ، وهي عين الحياة فلا يموتون أبدا.
ثمّ يوقف بهم قدّام العرش ، وقد سلموا من الآفات والأسقام والحرّ والبرد أبدا ، فيقول الجبّار للملائكة الذين معهم : احشروا أوليائي إلى الجنّة فلا توقفوهم مع الخلائق فقد سبق رضائي عنهم ، ووجبت رحمتي لهم ، فكيف اريد أن أوقفهم مع أصحاب الحسنات والسيّئات ، فتسوقهم الملائكة إلى الجنّة ، فإذا انتهوا إلى باب الجنّة الأعظم ضرب الملائكة الحلقة ضربة فتصرّ صريرا ، فيبلغ صوت صريرها كلّ حوراء خلقها الله وأعدّها لأوليائه ، فيتباشرن إذا سمعن (٣) صرير الحلقة ، وتقول بعضهنّ لبعض : قد جاءنا أولياء الله ، فيفتح لهم الباب ، فيدخلون الجنّة ، فيشرف عليهم أزواجهم من الحور العين والآدميين ، فيقلن : مرحبا بكم ، فما أشوقنا إليكم ! ويقول لهنّ أولياء الله مثل ذلك » (٤) .
وعن القمي - في رواية - فقال علي عليهالسلام : « من هؤلاء يا رسول الله ؟ فقال صلىاللهعليهوآله : هؤلاء شيعتك يا علي ، وأنت إمامهم ، وهو قول الله عزوجل : ﴿يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمنِ وَفْداً﴾(٥) على الرحائل ﴿وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ﴾ والعصاة كما تساق البهائم بإهانة واستخفاف ﴿إِلى جَهَنَّمَ﴾ حال كونهم ﴿وِرْداً﴾ ومشاة عطاشا ، وعباد الله ﴿لا يَمْلِكُونَ الشَّفاعَةَ﴾ لأحد ولا يقدرون عليها ﴿إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً﴾ وإذنا ، فكيف بالأصنام التي لا قدر لها عند الله حتى تقبل شفاعتها ، ويأذن لها
__________________
(١) تفسير روح البيان ٥ : ٣٥٦.
(٢) الانسان : ٧٦ / ٢١.
(٣) في النسخة : فيتباشرون بهم إذا سمعوا.
(٤) تفسير القمي ٢ : ٥٣ ، تفسير الصافي ٣ : ٢٩٤.
(٥) تفسير القمي ٢ : ٥٤ ، تفسير الصافي ٣ : ٢٩٥.