فيها في حقّ أحد.
وقيل : يعني لا يملك المشركون الشّفاعة لأحد ، ولكنّ الشفاعة لمن اتّخذ عند الرحمن عهدا ، وهو الإيمان ، فإنّ المؤمنين هم الشّفعاء فيشفعون (١) .
عن ابن مسعود : أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله قال لأصحابه ذات يوم : « أيعجز أحدكم أن يتّخذ كلّ صباح ومساء عند الله عهدا ؟ » . قالوا : وكيف ذلك ؟ قال : « يقول كلّ صباح ومساء : اللهم فاطر السماوات والأرض ، عالم الغيب والشهادة ، إنّي أعهد إليك بأنّي أشهد أن لا إله إلّا أنت ، وحدك لا شريك [ لك ] ، وأنّ محمّدا عبدك ورسولك ، وأنّك إن تكلني إلى نفسي تقرّبني من الشرّ ، وتباعدني من الخير ، وإنّي لأثق برحمتك ، فاجعل لي عهدا توفّينيه يوم القيامة ، إنّك لا تخلف الميعاد. فإذا قال ذلك طبع [ الله ] عليه بطابع ، ووضع تحت العرش ، فإذا كان يوم القيامة نادى مناد : أين الذين لهم عند الرحمن عهد ؟ فيدخلون الجنّة » (٢) .
وعن الصادق عليهالسلام : « لا يشفع لهم ولا يشفعون ﴿إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً﴾ يعني إلّا من أذن له بولاية أمير المؤمنين عليهالسلام والأئمّة عليهمالسلام من بعده ، فهو العهد عند الله » (٣) .
وعنه عليهالسلام ، عن أبيه ، عن آبائه ، قال : « قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : من لم يحسن وصيّته عند موته كان نقصا في مروءته. قيل : يا رسول الله ، كيف يوصي عند الموت ؟ قال : إذا حضرته الوفاة واجتمع الناس إليه قال : اللهم فاطر السماوات والأرض ، عالم الغيب والشهادة ، الرحمن الرحيم ، إنّي أعهد في دار الدنيا ، أنّي أشهد أن لا إله إلّا أنت وحدك لا شريك لك ، وأنّ محمدا عبدك ورسولك ، وأنّ الجنّة حقّ ، وأنّ النار حقّ ، وأنّ البعث حقّ ، والحساب حقّ ، [ والقدر ] والميزان حقّ ، وأنّ الدّين كما وصفت ، وأنّ الإسلام كما شرّعت ، وأنّ القول كما حدّثت ، وأن القرآن كما أنزلت ، وأنّك أنت الله [ الملك ] الحقّ المبين ، جزى الله محمّدا خير الجزاء ، وحيّى الله محمّدا وآل محمّد بالسّلام.
اللهمّ يا عدّتي عند كربتي ، ويا صاحبي عند شدّتي ، ويا وليي في نعمتي ، إلهي وإله آبائي ، لا تكلني إلى نفسي طرفة عين أبدا ، فإنّك إن تكلني إلى نفسي طرفة عين كنت أقرب من الشرّ وأبعد من الخير ، فآنس في القبر وحشتي ، واجعل لي عهدا يوم القاك منشورا.
ثمّ يوصي بحاجته ، وتصديق هذه الوصيّة في سورة مريم ، في قوله عزوجل : ﴿لا يَمْلِكُونَ الشَّفاعَةَ
__________________
(١) تفسير روح البيان ٥ : ٣٥٦ ، تفسير أبي السعود ٥ : ٢٨٢ ، وفيهما لا يملك المجرمون بدل المشركون.
(٢) تفسير الرازي ٢١ : ٢٥٣ ، تفسير روح البيان ٥ : ٣٥٦.
(٣) تفسير القمي ٢ : ٥٧ ، تفسير الصافي ٣ : ٢٩٥.