رَحِيماً (٦٩) و (٧٠)﴾
ثمّ بيّن سبحانه الآثام ، وأكّد تهديد المرتكبين لتلك القبائح العظام بقوله : ﴿يُضاعَفْ لَهُ الْعَذابُ﴾ ويتزايد له العقاب وقتا بعد وقت ﴿يَوْمَ الْقِيامَةِ﴾ بسبب انضمام شركه بالمعاصي ﴿وَيَخْلُدْ﴾ في العذاب ويقيم ﴿فِيهِ﴾ ابدا حال كونه ﴿مُهاناً﴾ وذليلا ﴿إِلَّا مَنْ تابَ﴾ ورجع عن شركه وعصيانه ، وآمن بوحدانية ربّه ﴿وَعَمِلَ﴾ بعد إيمانه ﴿عَمَلاً صالِحاً﴾ مرضيّا عند الله ﴿فَأُوْلئِكَ﴾ التائبون الصالحون ﴿يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ﴾ بأن تمحى سيئاتهم من صحيفة عملهم ، ويكتب مكانها الحسنات ، كما عن سعيد بن المسيّب وجماعة من مفسري العامّة (١) .
عن النبي صلىاللهعليهوآله : أنّه [ قال ] : « ليتمنين أقوام أنّهم أكثروا من السيئات » قيل من هم يا رسول الله ؟ قال : « الذين ﴿يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ ﴾(٢) .
وعنه صلىاللهعليهوآله : « أنّه يؤتى بالرجل يوم القيامة فيقال : اعرضوا عليه صغار ذنوبه ، ويخبّأ عنه كبارها ، فيقال : عملت يوم كذا وكذا وهو مقرّ لا ينكر ، وهو مشفق من الكبائر ، فيقال : أعطوه مكان كلّ سيئة عملها حسنة ، فيقول : إنّ لي ذنوبا ما أراها هاهنا » . قال : فلقد رأيت رسول الله صلىاللهعليهوآله يضحك حتى بدت نواجذه ، ثمّ تلا ﴿فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ﴾ إلى آخره (٣) .
في بيان المراد من تبديل السيئات بالحسنات
أقول : يحتمل كون المراد من الرواية المحو والاثبات للذين (٤) ذكرنا ، وإخفاء الصورة وإظهارها.
عن الباقر عليهالسلام : أنّه سئل عن الآية ، فقال : « يؤتى بالمؤمن المذنب يوم القيامة فيوقف بموقف الحساب ، فيكون الله تعالى هو الذي يتولّى حسابه ، لا يطلع على حسابه أحدا من الناس فيعرّفه ذنوبه ، حتى إذا أقرّ بسيئاته قال الله عزوجل للكتبة : بدّلوها حسنات ، وأظهروها للناس. فيقول الناس حينئذ : ما (٥) كان لهذا العبد سيئة واحدة » إلى أن قال : « هي للمذنبين (٦) من شيعتنا خاصة » (٧) .
وعن الرضا عليهالسلام : « إذا كان يوم القيامة أوقف الله عزوجل المؤمن بين يديه ، وعرض عليه عمله ، فينظر في صحيفته ، فأول ما يرى سيئاته ، فيتغيّر لونه ، وترتعد فرائصه ، ثمّ تعرض عليه حسناته فتقرّ حينئذ لذلك (٨) نفسه ، فيقول الله عزوجل : بّدلوا سيئاته حسنات ، وأظهروها للناس. فيبدّل الله لهم
__________________
(١) تفسير الرازي ٢٤ : ١١٢ ، تفسير روح البيان ٦ : ٢٤٧.
(٢) تفسير الرازي ٢٤ : ١١٢.
(٣) تفسير روح البيان ٦ : ٢٤٧.
(٤) في النسخة : الذين.
(٥) في أمالي المفيد : أما.
(٦) في أمالي المفيد وتفسير الصافي : هي في المذنبين.
(٧) أمالي المفيد : ٢٩٨ / ٨ ، تفسير الصافي ٤ : ٢٤.
(٨) في تفسيري القمي والصافي : فتفرح لذلك.