والتزم بالطاعة ﴿فَإِنَّهُ يَتُوبُ﴾ ويرجع بعد الموت ﴿إِلَى اللهِ﴾ تعالى ﴿مَتاباً﴾ عظيم الشأن مرضيا عنده ماحيا للعقاب ومحصّلا للثواب.
وقيل : يعني من تاب إلى الله من المعاصي الماضية يوفقه الله للتوبة من المعاصي المستقبلة ، وهذه بشارة عظيمة (١) .
وعن القمي : أي لا يعود إلى شيء من ذلك باخلاص ونيّة صادقة (٢) .
﴿وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ﴾ ولا يحضرون ﴿الزُّورَ﴾ والباطل والمجالس التي ترتكب فيها المحرّمات ، أو خصوص الكذب على الله والرسول ، كما عن ابن عباس (٣) .
وقيل : الزّور هو الغناء ، كما عن الصادق عليهالسلام (٤) ، وابن الحنفية (٥) ، وزاد القمي : مجالس اللهو (٦) .
﴿وَإِذا مَرُّوا﴾ بالمشغولين ﴿بِاللَّغْوِ﴾ والسفهي من القول والفعل ، أو الفحش من الكلام ﴿مَرُّوا﴾ به حال كونهم ﴿كِراماً﴾ ومنزّهين منه ، معرضين عنه.
قيل : إذا سمعوا من الكفّار الشتم والأذى أعرضوا عنهم (٧) .
وقيل : إذا ذكروا (٨) النّكاح كنّوا عنه (٩) .
وعن الباقر عليهالسلام : « هم الذين إذا أرادوا ذكر الفرج كنّوا عنه » (١٠) .
وعن الصادق عليهالسلام : أنّه قال لبعض أصحابه : « أين نزلتم » ؟ قالوا : على فلان صاحب القيان. فقال : « كونوا كراما ، أما سمعتم قول الله عزوجل في كتابه : ﴿وَإِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ ؟ ﴾ الى آخره(١١) .
وقال محمّد بن أبي عبّاد - وكان مشتهرا بالسّماع وشرب النّبيذ - سألت الرضا عليهالسلام عن السّماع ، فقال : « لأهل الحجاز رأي فيه ، وهو في حيّز الباطل واللهو ، أما سمعت الله عزوجل يقول : ﴿وَإِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ ؟ ﴾ إلى آخره (١٢) .
أقول : الظاهر أنّ الجميع من مصاديق اللغو.
﴿وَالَّذِينَ إِذا ذُكِّرُوا﴾ ونبهوا ﴿بِآياتِ رَبِّهِمْ﴾ الدالّة على المواعظ والحكم ﴿لَمْ يَخِرُّوا﴾ ولم يسقطوا ﴿عَلَيْها﴾ حال كونهم ﴿صُمًّا﴾ وفاقدي الأسماع لا يصغون إليها إصغاء القبول ﴿وَعُمْياناً﴾
__________________
(١) تفسير الرازي ٢٤ : ١١٣.
(٢) تفسير القمي ٢ : ١١٧ ، تفسير الصافي ٤ : ٢٦.
(٣) تفسير الرازي ٢٤ : ١١٣.
(٤) الكافي ٦ : ٤٣١ / ٦ ، تفسير الصافي ٤ : ٢٦.
(٥) تفسير الرازي ٢٤ : ١١٣.
(٦) تفسير القمي ٢ : ١١٧ ، تفسير الصافي ٤ : ٢٦.
(٧) تفسير الرازي ٢٤ : ١١٤. (٨) في تفسير الرازي : ذكر.
(٩) تفسير الرازي ٢٤ : ١١٤.
(١٠) مجمع البيان ٧ : ٢٨٣ ، تفسير الصافي ٤ : ٢٦.
(١١) الكافي ٦ : ٤٣٢ / ٩ ، تفسير الصافي ٤ : ٢٦.
(١٢) عيون أخبار الرضا عليهالسلام ٢ : ١٢٨ / ٥ ، تفسير الصافي ٤ : ٢٦.