أَزْواجِهِمْ أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغى وَراءَ ذلِكَ
فَأُولئِكَ هُمُ العادُونَ (٤) و (٧)﴾
ثمّ أنّه تعالى بعد توصيف المؤمنين بالقيام بأداء العبادات البدنيّة ، التي أهمّها الصّلاة والخشوع فيها ، وصفهم بالاهتمام بالعبادات المالية التي أهمّها الزّكاة بقوله : ﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكاةِ فاعِلُونَ﴾ ومؤدّون.
عن الصادق عليهالسلام : « من منع قيراطا من الزّكاة فليس هو بمؤمن ولا مسلم ولا كرامة » (١) .
وقيل : إنّ الزّكاة هنا كلّ فعل محمود مرضيّ (٢) .
ثمّ وصفهم بالتّحرّز عن الحرام المتعلّق بأنفسهم بقوله : ﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ﴾ وعوراتهم ﴿حافِظُونَ﴾ وممسكون لها من أن تكشف أو تمسّ ، فإنّهم يحرّمونها على كلّ أحد ﴿إِلَّا عَلى أَزْواجِهِمْ﴾ ومنكوحاتهم الدّائمة أو المنقطعة.
وقيل : إنّ التّقدير فإنّهم يلامون على ترك التّحفّظ إلّا على تركه من أزواجهم (٣) . أو التقدير فإنّهم لا يرسلون فروجهم على أحد إلّا على أزواجهم ﴿أَوْ﴾ على ﴿ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ﴾ بالأسر ، أو الإرث ، أو المعاملة. وقيل : إنّ ( على ) بمعنى ( من ) .
﴿فَإِنَّهُمْ﴾ على الكشف لهنّ ومباشرتهنّ ﴿غَيْرُ مَلُومِينَ﴾ ولا مذمومين
﴿فَمَنِ ابْتَغى﴾ وطلب للمباشرة ﴿وَراءَ ذلِكَ﴾ المذكور من الأزواج (٤) والإماء وسواهنّ ﴿فَأُولئِكَ﴾ المبتغون للحرام ﴿هُمُ العادُونَ﴾ والمتجاوزون عن حدود العقل والشّرع ، أو المتعدّون من الحلال إلى الحرام ، أو المتناهون في العدوان.
بيان حلّية المتعة
إعلم أنّه استدلّ بعض العامة على حرمة المتعة بهذه الآية ، بتقريب أنّها ليست ملك يمين ولا زوجة ، لعدم التّوارث فيها ، فإنّ لازم الزّوجة التّوارث لقوله تعالى : ﴿وَلَكُمْ نِصْفُ ما تَرَكَ أَزْواجُكُمْ﴾(٥) .
وفيه : أنّ الزّوجة هي المرأة التي حلّ بضعها ، والتّمتّع بها سبب حصول علقة الزّواج بين الرجل والمرأة ، بسبب العقد الخاصّ المفيد لحلّية التّمتّعات وهي صنفان : صنف منها علقة دائمة بنفسها ، لا تزول إلّا بالطّلاق ، أو بحصول أحد موانع النكاح ، كعلقة ملك الأعيان ، ولا تزول إلّا بالمزيل. وصنف
__________________
(١) تفسير القمي ٢ : ٨٨ ، تفسير الصافي ٣ : ٣٩٤.
(٢) تفسير الرازي ٢٣ : ٧٩.
(٣) تفسير الرازي ٢٣ : ٨٠ ، تفسير أبي السعود ٦ : ١٢٤.
(٤) في النسخة : الازدواج.
(٥) تفسير الرازي ٢٣ : ٨٠ ، والآية من سورة النساء : ٤ / ١٢.