﴿وَقُلْ لَهُما قَوْلاً كَرِيماً﴾ وكلاما حسنا جميلا.
سئل [ سعيد ] بن المسيب عن القول الكريم فقال : « هو قول العبد المذنب للسيد الفظّ » .
وعن عطاء : هو أن تتكلّم معهما ، ولا ترفع عليهما صوتك ، ولا تشدّ إليهما نظرك (١) .
ثمّ بعد الأمر بتكريمهما قولا ، أمر سبحانه بالتواضع لهما في الفعل بقوله : ﴿وَاخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِ﴾ وأظهر لهما غاية التواضع ﴿مِنَ﴾ فرط ﴿الرَّحْمَةِ﴾ عليهما ، والرأفة بهما ، لافتقارهما إليك بعد ما كنت أفقر الخلق إليهما.
عن ابن عبّاس : كن مع الوالدين كالعبد المذنب الذليل الضعيف للسيد الفظّ الغليظ (٢) .
قيل : ينظر إليهما بنظر المحبّة [ والشّفقة ] والترحّم (٣) .
وفي الحديث : « ما من ولد ينظر إلى الوالد وإلى والدته نظر رحمة إلّا كان له بها حجّة وعمرة » . قيل : وإن نظر في اليوم ألف مرّة ؟ قال : « نعم ، وإن نظر في اليوم مائة ألف » (٤) .
عن الصادق عليهالسلام : « لا تملأ عينيك من النظر إليهما إلّا برحمة ورقّة ، ولا ترفع صوتك فوق أصواتهما ، ولا يديك فوق أيديهما ، ولا تقدّم قدّامهما » (٥) .
وعنه عليهالسلام : « من العقوق أن ينظر الرجل [ إلى ] والديه ، فيحدّ النظر إليهما » (٦) .
وعن الكاظم عليهالسلام : « سأل رجل رسول الله صلىاللهعليهوآله : ما حقّ الوالد على ولده ؟ قال : لا يسمّيه باسمه ، ولا يمشي بين يديه ، ولا يجلس قبله ، ولا يستسبّ له » (٧) .
وروي أنّ النبي صلىاللهعليهوآله قال : « رغم أنفه » ثلاث مرات ، قالوا : من يا رسول الله ؟ قال : « من أدرك أبويه عند الكبر - أحدهما أو كلاهما - ولم يدخل الجنّة » (٨) .
ثمّ أضاف سبحانه إلى ما ذكر الأمر بالدعاء لهما بقوله : ﴿وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُما﴾ واشمل رحمتك الواسعة لهما في الدنيا والآخرة ﴿كَما﴾ رحماني و﴿رَبَّيانِي﴾ حين كنت ﴿صَغِيراً.﴾
روي أنّ رجلا قال لرسول الله صلىاللهعليهوآله : إن أبويّ بلغا من الكبر أنّي ألي منهما ما وليا مّني في الصغر ، فهل قضيت حقّهما ؟ قال : « لا ، فانّهما كانا يفعلان ذلك وهما يحبّان بقاءك ، وأنت تفعل ذلك وأنت
__________________
(١) تفسير الرازي ٢٠ : ١٩٠.
(٢) تفسير روح البيان ٥ : ١٤٧.
(٣) تفسير روح البيان ٥ : ١٤٨.
(٤) تفسير روح البيان ٥ : ١٤٨.
(٥) تفسير العياشي ٣ : ٤٣ / ٢٤٨٣ ، الكافي ٢ : ١٢٦ / ١ ، تفسير الصافي ٣ : ١٨٥.
(٦) الكافي ٢ : ٢٦١ / ٧ ، تفسير الصافي ٣ : ١٨٥.
(٧) الكافي ٢ : ١٢٧ / ٥ ، تفسير الصافي ٣ : ١٨٥ ، واستسبّ له : عرّضه للسبّ ، يقال : استسبّ لأبيه : إذا سبّ أبا غيره فجلب بذلك السبّ إلى أبيه.
(٨) جوامع الجامع : ٢٥٤ ، تفسير الصافي ٣ : ١٨٥.