سبّوه وسبّوا من جاء به ، فأوحى الله إليه ﴿وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ﴾ فيسمع المشركون فيسبّوا الله عدوا بغير علم ﴿وَلا تُخافِتْ بِها﴾ فلا تسمع أصحابك ﴿وَابْتَغِ بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلاً﴾(١) .
وروي أنّ النبي صلىاللهعليهوآله طاف بالليل على دور الصحابة ، وكان أبو بكر يخفي صوته بالقرآن (٢) في صلاته ، وكان عمر يرفع صوته ، فلمّا جاء النهار وجاء أبو بكر وعمر ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله لأبي بكر: « لم تخفي صوتك ؟ » فقال : اناجي ربي ، وقد علم حاجتي. وقال لعمر : « لم ترفع صوتك ؟ » فقال : أزجر الشيطان ، واوقظ الوسنان ، فأمر النبي صلىاللهعليهوآله أبا بكر أن يرفع صوته قليلا ، وأمر عمر أن يخفض صوته قليلا (٣) .
وعنهما عليهماالسلام : « كان رسول الله صلىاللهعليهوآله إذا كان بمكة جهر بصوته ، فيعلم بمكانه المشركون ، فكانوا يؤذونه ، فأنزل الله الآية عند ذلك » (٤) .
وعن الباقر عليهالسلام : « نسختها ﴿فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ ﴾(٥) .
وعن الباقر عليهالسلام ، أنه قال للصادق عليهالسلام : « يا بني عليك بالحسنة بين السيئتين تمحوهما. قال : وكيف ذلك يا أبه ؟ قال : مثل قول : الله : ﴿وَلا تَجْهَرْ﴾ الآية ، ومثل قوله : ﴿وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً﴾(٦) الآية » الخبر (٧) .
وعن الصادق عليهالسلام ، أنّه سئل : أعلى الامام أن يسمع من خلفه وإن كثروا ؟ قال : « ليقرأ (٨) وسطا » ثمّ تلا هذه الآية (٩)
وقيل : إنّ المعنى ولا تجهر بصلواتك كلّها ، ولا تخافت بها كلّها ، وابتغ بين ذلك سبيلا ، بأن تجهر بصلاة الليل ولا تخافت بصلاة النهار (١٠) .
وقيل : إنّ المراد بالصلاة الدعاء ، روي عن النبيّ صلىاللهعليهوآله أنه قال في هذه الآية : « إنّما ذلك في الدعاء والمسألة ، لا ترفع صوتك فتذكر ذنوبك فيسمع ذلك فتعيّر بها » (١١) .
وعن الصادق عليهالسلام في هذه الآية : « الجهر بها : رفع الصوت ، والمخافتة : ما لا تسمع نفسك (١٢) ، واقرأ ما بين ذلك » (١٣) .
وعن الباقر عليهالسلام : « الاجهار : أن ترفع صوتك تسمعه من بعد عنك ، والاخفات أن لا تسمع [ من ]
__________________
(١) تفسير الرازي ٢١ : ٧٠. (٢) في تفسير الرازي : بالقراءة.
(٣) تفسير الرازي ٢١ : ٧٠ ، تفسير روح البيان ٥ : ٢١٣. (٤) تفسير العياشي ٣ : ٨٤ / ٢٦١٧ ، تفسير الصافي ٣ : ٢٢٨.
(٥) تفسير العياشي ٢ : ٤٣٩ / ٢٣٥٨ ، تفسير الصافي ٣ : ٢٢٨ والآية من سورة الحجر : ١٥ / ٩٤.
(٦) الإسراء : ١٧ / ٢٩. (٧) تفسير العياشي ٣ : ٨٤ / ٢٦٢١ ، تفسير الصافي ٣ : ٢٢٨.
(٨) في تفسير العياشي : يقرأ قراءة. (٩) تفسير العياشي ٣ : ٨٣ / ٢٦١٤ ، تفسير الصافي ٣ : ٢٢٨.
(١٠) تفسير الرازي ٢١ : ٧٠.
(١١) تفسير الرازي ٢١ : ٧١.
(١٢) في تفسير القمي : بإذنك.
(١٣) تفسير القمي ٢ : ٣٠ ، تفسير الصافي ٣ : ٢٢٧.