وعن الصادق عليهالسلام : « أنّه أمر بكتاب في حاجة فكتب ، ثمّ عرض عليه ولم يكن فيه استثناء فقال : كيف رجوتم أن يتمّ هذا وليس فيه استثناء ؟ انظروا كلّ موضع لا يكون فيه استثناء فاستثنوا فيه»(١).
وقيل : إنّ المراد اذكر ربّك بالتسبيح والاستغفار إذا نسيت كلمة الاستثناء (٢) .
وقيل : يعني اذكر ربّك إذا نسيت شيئا ، فإنّ ذكر الله يذكّر المنسي (٣) .
ويحتمل أن يكون المراد : إذا نسيت شيئا فلا تنسينّ ذكر الله ، بل اذكره في كلّ حال.
وقيل : إنّ المراد من ذكر الله الصلاة : والمعنى صلّ الصلاة المنسيّة إذا ذكرتها (٤) .
ثمّ لمّا أعطاه الله آية عظيمة دالة على نبوّته ، وهو إخباره بقصة أصحاب الكهف ، أمره سبحانه بسؤال (٥) آيات أعظم منها بقوله : ﴿وَقُلْ عَسى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هذا﴾ النبأ المعجب ، من الآيات الدالّة على نبوّتي ﴿رَشَداً﴾ ودلالة للنّاس على صدقي ، وقد فعل ذلك سبحانه حيث أعطاه من الآيات ما هو أعظم من ذلك كإخباره بقصص الأنبياء المتباعدة أيّامهم ، والحوادث النازلة في الأعصار الآتية إلى يوم القيامة.
وقيل : لمّا جعل اليهود حكاية أصحاب الكهف دليلا على نبوّته ، هوّن الله أمره وقال : ﴿قُلْ عَسى﴾ الآية ، كما هوّن أمر أصحاب الكهف بقوله : ﴿أَمْ حَسِبْتَ﴾ الآية (٦) .
وقيل : إنّ المعنى إذا وعدت بشيء قل : إن شاء الله ، وقل : عسى أن يهديني ربّي لشيء أحسن وأكمل ممّا وعدتكم به (٧) .
وقيل : إنّ المراد أنّ ذكر ربّك عند نسيان شيء أن تقول : عسى ربّي أن يهديني لشيء آخر بدل هذا المنسي أقرب منه رشدا أو أدنى خيرا ومنفعة (٨) .
ثمّ أنّه تعالى بعد الإخبار بعدد الفتية أخبر بمدّة لبثهم في الكهف بقوله : ﴿وَلَبِثُوا﴾ في النوم ﴿فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَةٍ﴾ كانت من ﴿سِنِينَ﴾ شمسيّة ﴿وَ﴾ العرب ﴿ازْدَادُوا﴾ عليها ﴿تِسْعاً﴾ لأنّ سنتهم قمريّة ، وكلّ مائة سنة قمريّة تزيد على مائة سنة شمسيّة بثلاث سنين. هذا هو الواقع في مدّة لبثهم ، فإن نازعوك فيها فلا تجادلهم و﴿قُلِ اللهُ أَعْلَمُ﴾ منكم ومن كلّ أحد ﴿بِما لَبِثُوا﴾ من المدّة إذ ﴿لَهُ غَيْبُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ﴾ والعلم بخفياتهما لا يشركه فيه أحد من الملائكة والرسل فضلا عن غيرهم.
__________________
(١) الكافي ٢ : ٤٩٤ / ٧ ، تفسير الصافي ٣ : ٢٣٩.
( ٢- ٤ ) تفسير الرازي ٢١ : ١١١ ، تفسير أبي السعود ٥ : ٢١٧.
(٥) في النسخة : لسؤال.
(٦) تفسير روح البيان ٥ : ٢٣٤ ، والآية ٩ من هذه السورة.
(٧) تفسير الرازي ٢١ : ١١١.
(٨) تفسير روح البيان ٥ : ٢٣٥.