خيبر رفع القلم عنهم (١) .
وروت العامّة أنّ عليا عليهالسلام أسلم وهو ابن ثماني سنين ، وقد أجمعوا على صحّة إسلامه (٢) .
ثمّ بالغ موسى عليهالسلام في توبيخ الخضر بقوله : ﴿لَقَدْ جِئْتَ﴾ وفعلت يا خضر ﴿شَيْئاً﴾ وفعلا ﴿نُكْراً﴾ وقبيحا غايته ، ومنكرا أنكر من الفعل الأوّل ، لأنّ خرق السفينة وإن كان تعريضا للتلف إلّا أنّه قابل للتّدارك ، بخلاف قتل الغلام فإنّه إتلاف غير قابل للتدارك. ﴿قالَ﴾ الخضر توبيخا لموسى على عدم وفائه بالعهد وتركه العمل بالوصيّة : يا موسى ﴿أَ لَمْ أَقُلْ لَكَ﴾ مرارا ﴿إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً.﴾
عن الصادق عليهالسلام : « قال الخضر : إنّ العقول لا تحكم على أمر الله ، بل أمر الله يحكم عليها ، فسلّم لما ترى منّي واصبر عليه ، فقد كنت علمت أنّك لن تستطيع معي صبرا » (٣)﴿قالَ﴾ موسى : اعف يا خضر عن خطئي في هذه المرّة ﴿إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَها﴾ وخالفتك مّرة ثالثة ﴿فَلا تُصاحِبْنِي﴾ وإن سألت صحبتك ، وأبعدني وإن التمست قربك ﴿قَدْ بَلَغْتَ﴾ ووجدت في تبعيدي وعدم قبول التماسي ﴿مِنْ لَدُنِّي﴾ ومن قبلي ﴿عُذْراً﴾ مقبولا لا أقدر [ على ] ردّه. وفي الحديث : « رحم الله أخي موسى استحيا فقال ذلك ، ولو لبث مع صاحبه لأبصر أعجب الأعاجيب » (٤) .
﴿فَانْطَلَقا﴾ وذهبا معا بعد ما شرطا ذلك ﴿حَتَّى إِذا أَتَيا أَهْلَ قَرْيَةٍ﴾ يقال لها أنطاكية ، وكانت ذات أعين وسور عظيم من صخر داخلة خمسة أجبل ، ودورها اثنا عشر ميلا. كذا قيل (٥) . وقيل : إنّها أيلة (٦) . وقيل : البصرة (٧) . وقيل : جردان من أرمينية (٨) . وقيل : برقة من الروم (٩) . وعن الصادق والرضا عليهماالسلام : « هي الناصرة ، وإليها تنسب النصارى » (١٠) .
قيل : كانت عادة أهل البلد أنهم يسدّون أبوابها في أوّل الليل ولا يفتحونها لأحد ، فجاء موسى والخضر حتّى وصلا إلى القرية عند العشاء ، فوجدا أبوابها مسدودة ، فسألوا أهلها أن يفتحوا لهما الباب فأبوا ذلك (١١) ، ولمّا كانا جائعين ﴿اسْتَطْعَما أَهْلَها﴾ وطلبا منهم الضيافة ﴿فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُما﴾
__________________
(١) تفسير روح البيان ٥ : ٢٧٩ - ٢٨٠.
(٢) تفسير روح البيان ٥ : ٢٨٠.
(٣) علل الشرائع : ٦١ / ١ ، تفسير الصافي ٣ : ٢٥٣.
(٤) تفسير الصافي ٣ : ٢٥٤ ، تفسير روح البيان ٥ : ٢٨٠.
(٥) تفسير روح البيان ٥ : ٢٨١.
(٦) تفسير الرازي ٢١ : ١٥٦ ، تفسير أبي السعود ٥ : ٢٣٧.
(٧) تفسير البيضاوي ٢ : ١٩.
(٨) تفسير البيضاوي ٢ : ١٩ ، وفيه : باجروان ، وفي مراصد الاطلاع ١ : ٦٠ ، وفي معجم البلدان ١ : ١٩٢ : جرزان.
(٩) تفسير أبي السعود : ٥ : ٢٣٧.
(١٠) تفسير العياشي ٣ : ١٠٢ / ٢٦٧١ ، علل الشرائع : ٦١ / ١ ، تفسير الصافي ٣ : ٢٥٤.
(١١) تفسير روح البيان ٥ : ٢٨١.