فِيهِمْ﴾ وتسلك معهم طريقا ﴿حُسْناً.﴾
أقول : هو مبالغة في ( ذي حسن ) . أو محذوف المضاف ، والمعنى أمرا ذا حسن ، بإبقائهم أحياء (١) ، وإرشادهم إلى التوحيد ، وتعليمهم الشرائع ، فاختر ما تراه الأصلح من الأمرين فيهم ﴿قالَ﴾ ذو القرنين : أدعوهم إلى التوحيد والعمل الصالح ﴿أَمَّا مَنْ ظَلَمَ﴾ على نفسه بالإصرار على الكفر ﴿فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ﴾ بالقتل ، قيل : كان يطبخ الكافر في القدر (٢)﴿ثُمَّ يُرَدُّ﴾ في الآخرة ﴿إِلى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ﴾ فيها ﴿عَذاباً نُكْراً﴾ ومنكرا وشديدا لا يتصوّره أحد.
عن الصادق عليهالسلام : « أي في النّار » (٣) . ﴿وَأَمَّا مَنْ﴾ أجاب دعوتي و﴿آمَنَ﴾ بالله ﴿وَعَمِلَ﴾ عملا ﴿صالِحاً﴾ وخالصا لله ومرضيّا عنده ﴿فَلَهُ﴾ منّي في الدنيا ومن الله في الدّارين ﴿جَزاءً﴾ ومثوبة ﴿الْحُسْنى﴾ أو جزاء عظيما على فعلته الحسنى.
قيل : كان يعطي المؤمن ويكسيه (٤)﴿وَسَنَقُولُ لَهُ﴾ بعضا ﴿مِنْ أَمْرِنا﴾ وحكمنا ما يراه ﴿يُسْراً﴾ وسهلا عليه لا مشقّة فيه في أمر الخراج والزكاة.
﴿ثُمَّ أَتْبَعَ﴾ وسلك بعد الفراغ من بلاد المغرب ﴿سَبَباً﴾ وطريقا موصلا له إلى بلاد المشرق ،
فسار بجنده ﴿حَتَّى إِذا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ﴾ ومنتهى الأرض من جهته.
قيل : بلغه في اثنتي عشرة سنة (٥) . وقيل : أقلّ من ذلك (٦) . فرأى الشّمس في ذلك الموضع و﴿وَجَدَها تَطْلُعُ عَلى قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِها سِتْراً﴾ وحجابا من النبات والأبنية والأشجار والجبال ، فكانوا عراة لا يستظلّون بشيء.
عن الباقر عليهالسلام : « لم يعلموا صنعة البيوت » (٧) .
والقمي : لم يعلموا صنعة الثّياب (٨) .
قيل : كانوا إذا طلعت الشّمس دخلوا في الأسراب أو البحر من شدّة الحرّ ، فإذا غربت أو زالت عن سمت رؤوسهم خرجوا واصطادوا السّمك والحيوانات البحريّة لمعيشتهم (٩) .
وقيل : لم يكن على رؤوسهم وأجسادهم شعر ، كأنّما سلخت من شدّة الحرّ (١٠) .
وعن أمير المؤمنين عليهالسلام : « إنّه ورد على قوم قد أحرقتهم الشمس وغيّرت أجسادهم وألوانهم حتى
__________________
(١) في النسخة : حيّا.
(٢) تفسير روح البيان ٥ : ٢٩٣.
(٣) تفسير القمي ٢ : ٤١ ، تفسير الصافي ٣ : ٢٦٢.
(٤) تفسير روح البيان ٥ : ٢٩٣.
(٥ و٦) تفسير أبي السعود ٥ : ٢٤٣ ، تفسير روح البيان ٥ : ٢٩٤.
(٧) تفسير العياشي ٣ : ١٢٣ / ٢٧٠٨ ، مجمع البيان ٦ : ٧٥٨ ، تفسير الصافي ٣ : ٢٦٢.
(٨) تفسير القمي ٢ : ٤١ ، تفسير الصافي ٣ : ٢٦٢.
(٩ و١٠) تفسير روح البيان ٥ : ٢٩٤.