ونحوها.
﴿قالُوا﴾ بلسان ترجمانهم أو بإلهامهم لغة اسكندر ، أو بإلهامه لغتهم. قيل : كان ذو القرنين ملهما باللّغات (١)﴿يا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ﴾ بالقتل والغارة وإتلاف الزّروع والثّمار. وهما قبيلتان من التّرك على قول (٢) . أو يأجوج من التّرك ، ومأجوج من الجبل والدّيلم على آخر(٣) .
وقيل : إنّ المؤرّخين قالوا إنّه كان لنوح ثلاثة أولاد : بسام ، وحام ، ويافث ، فسام أبو العرب والعجم والروم ، وحام أبو الحبش والزّنج والنّوبة (٤) ، ويافث أبو التّرك والخزر والصّقالبة ويأجوج ومأجوج(٥) .
وعن الهادي عليهالسلام : « جميع الترك والصقالب ويأجوج ومأجوج والصين من يافث حيث كانوا»(٦).
وعن أمير المؤمنين عليهالسلام : « قالوا : يا ذا القرنين ، إنّ يأجوج ومأجوج خلف هذين الجبلين ، وهم يفسدون في الأرض ، إذا كان إبّان زروعنا وثمارنا خرجوا علينا ، فرعوا في ثمارنا وفي زروعنا حتى لا يبقوا منها شيئا » (٧)﴿فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجاً﴾ ومقدارا من أموالنا ﴿عَلى﴾ شرط ﴿أَنْ تَجْعَلَ﴾ بتلك الأموال التي نعطيك ﴿بَيْنَنا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا﴾ وحاجزا يمنعهم من الخروج علينا ﴿قالَ﴾ ذو القرنين : لا حاجة لي إلى أموالكم ، فإنّ ﴿ما مَكَّنِّي فِيهِ﴾ وأقدرني عليه ﴿رَبِّي﴾ من المال
والأسباب والملك ﴿خَيْرٌ﴾ ممّا عندكم من الأموال و[ ما ] تبذلونه من الخرج ، فإن تريدوا (٨) السدّ ﴿فَأَعِينُونِي﴾ وساعدوني عليه ﴿بِقُوَّةٍ﴾ من العمّال والصنّاع لا بالأموال ﴿أَجْعَلْ﴾ إذن ﴿بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْماً﴾ وحاجزا عظيما ، أكبر وأوثق من السدّ. ثمّ كأنّهم قالوا : فأمرنا بما تريد قال ﴿آتُونِي﴾ بعوض ما أعطيكم من المال ﴿زُبَرَ الْحَدِيدِ﴾ وقطعات عظيمة منه.
قيل : إنّهم قالوا ليس لنا من الحديد ما يسع هذا العمل ، فدلّهم على معدن الحديد والنّحاس (٩) ، ثمّ قاس ما بين الصدفين فوجده ثلاثة أميال (١٠) . وقيل : مائة فرسخ (١١) .
ثمّ أمر بحفر ما بين السدّين فحفروه حتى بلغ الماء ، ثمّ جعل الأساس من الصخر والنّحاس المذاب بدل الطين ، وجعل البنيان من زبر الحديد ، بين كلّ زبرتين الحطب والفحم (١٢)﴿حَتَّى إِذا ساوى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ﴾ وجانبي الجبلين بتنضيد الزبر بعضها فوق بعض ، أمر بوضع المنافخ حوله فوضعوها ، ثمّ ﴿قالَ﴾ للعملة : ﴿انْفُخُوا﴾ على زبر الحديد ، فنفخوا في السدّ المنضود من الحديد
__________________
(١) تفسير روح البيان ٥ : ٢٩٧. (٢ و٣) تفسير الرازي ٢١ : ١٧٠.
(٤) النّوبة : جيل من الناس ، موطنهم جنوب مصر.
(٥) تفسير روح البيان ٥ : ٢٩٧.
(٦) علل الشرائع : ٣٢ / ١ ، تفسير الصافي ٣ : ٢٦٣.
(٧) تفسير العياشي ٣ : ١١٣ / ٢٧٠٣ ، تفسير الصافي ٣ : ٢٦٣.
(٨) في النسخة : تريدون.
(٩) تفسير روح البيان ٥ : ٢٩٨.