لا يبقى برّ ولا فاجر إلّا دخلها ، فتكون على المؤمنين بردا وسلاما ، حتى إنّ للنّاس ضجيجا من بردها»(١) .
وعن ( المجمع ) عن النبيّ صلىاللهعليهوآله قال : « يرد النّاس النّار ثمّ يصدرون بأعمالهم ، فأوّلهم كلمع البرق ، ثمّ كمرّ الريح ، ثمّ كحضر الفرس ، ثمّ كالرّاكب ، ثمّ كشدّ الرّجل ، ثمّ كمشيه » (٢)
وعنه صلىاللهعليهوآله : « تقول النار للمؤمن يوم القيامة : جز يا مؤمن ، فقد أطفأ نورك لهبي » (٣)
وروي أنّ الله يجعل النار كالسّمن الجامد ، ويجمع عليها الخلق ، ثمّ ينادي المنادي : خذي أصحابك وذري أصحابي ، قال : والذي نفسي بيده ، لهي أعرف بأصحابها من الوالدة بولدها (٤) .
قيل : حكمة ورود المؤمنين في النّار أنّهم إذا علموا الخلاص منها زادهم سرورا وزاد الكفّار غمّا ، حيث تظهر فضيحتهم عند المؤمنين ، وأنّه إذا كان المؤمنين مع العصاة في النّار يقرعونهم ويبكّتونهم فيزيد ذلك غمّا للكفّار وسرورا للمؤمنين ، وأنّ المؤمنين يظهرون للكفّار صدق قولهم في الحشر والتعذيب وكذب الكفّار في الإنكار ، وأنّ المؤمنين إذا شاهدوا العذاب صار سببا لمزيد التذاذهم بنعيم الجنّة (٥) .
وعن الصدوق : أنّه لا يصيب أحدا من أهل التوحيد ألم في النّار إذا دخلوها ، وإنّما يصيبهم الألم عند الخروج منها ، فتكون تلك الآلام جزاء بما كسبت أيديهم وما الله بظلّام للعبيد (٦) .
أقول : إنّما التألّم عند الخروج يكون للذين اكتسبوا السيّئات ، ولم يغفر لهم دون المؤمنين الذين شملتهم المغفرة والشّفاعة.
وعن النبيّ صلىاللهعليهوآله أنّه سئل عن هذه الآية فقال : إذا دخل أهل الجنّة الجنّة ، قال بعضهم لبعض : أليس قد وعدنا ربّنا أن نرد النار ؟ فيقال لهم : قد وردتموها وهي خامدة » (٧) .
وعن ابن مسعود : ورودها الجواز على الصراط الممدود عليها ، وذلك لأنّه لا طريق إلى الجنّة سوى الصّراط ، فالمرور في حكم الورود (٨) ، وأمّا قوله تعالى : ﴿إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ* لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَها﴾(٩) فالمراد البعد من عذابها ، ولا يسمعون حسيسها لأنّ حسيسها كسائر أهوال القيامة محجوب عنهم.
وعن ابن عبّاس : إنّ الآية مختصّة بالكفّار كما قال تعالى : ﴿إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ حَصَبُ
__________________
(١ - ٤) مجمع البيان ٦ : ٨١٢ ، تفسير الصافي ٣ : ٢٨٩.
(٥) تفسير الرازي ٢١ : ٢٤٤.
(٦) اعتقادات الصدوق : ٧٧ / ٢٩ ، تفسير الصافي ٣ : ٢٩٠.
(٧) تفسير الرازي ٢١ : ٢٤٤.
(٨) تفسير روح البيان ٥ : ٣٥٠.
(٩) الأنبياء : ٢١ / ١٠١ و١٠٢.