وقيل : كان يقوم على رجل واحدة. وقيل : كان يسهر طول الليل (١) .
والقمي عنهما عليهماالسلام : « كان رسول الله صلىاللهعليهوآله إذا صلّى قام على أصابع رجليه [ حتى تورّمت ] فأنزل الله ﴿طه﴾ بلغة طي يا محمّد ﴿ما أَنْزَلْنا﴾ الآية » (٢) .
وعن الباقر عليهالسلام : « كان رسول الله صلىاللهعليهوآله عند عائشة ليلتها ، فقالت : يا رسول الله ، لم تتعب نفسك وقد غفر لك ما تقدّم من ذنبك وما تأخّر ؟ فقال : أ فلا أكون عبدا شكورا ؟ »
قال : « وكان صلىاللهعليهوآله يقوم على أطراف أصابع رجليه ، فأنزل الله : ﴿طه ما أَنْزَلْنا﴾ الآية » (٣).
وعن الكاظم عليهالسلام ، عن أمير المؤمنين عليهالسلام ، قال : « لقد قام رسول الله صلىاللهعليهوآله عشر سنين على أطراف أصابعه حتى تورّمت قدماه واصفرّ وجهه ، يقوم الليل [ أجمع ] حتى عوتب عليه في ذلك ، فقال الله عزوجل : ﴿طه* ما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقى﴾ بل لتسعد به » (٤) .
وقيل : إنّ السورة من أوائل ما نزل بمكّة ، وكان صلىاللهعليهوآله حينئذ مقهورا لأعدائه ، فأنزلت تسلية له ، والمراد أنّك لا تبقى على هذه الحالة من التعب والمشقّة من مكابدة الأعداء ، فإنّا ما أنزلنا عليك القرآن لتبقى شقيّا وموهونا بينهم ، بل لتصير معظّما مكرّما (٥) .
وقيل : إنّ جماعة من قريش قالوا للنبيّ صلىاللهعليهوآله : إنّك لتشقى حيث تركت دين آبائك. فقال صلىاللهعليهوآله : « بل بعثت رحمة للعالمين » قالوا : بل أنت تشقى. فنزلت الآية ردّا عليهم ، وتعريفا لمحمّد صلىاللهعليهوآله بأنّ دين الإسلام هو السّلام ، والقرآن سبب لكلّ سعادة ، والكفر هو الشقاء (٦) .
ثمّ بيّن سبحانه حكمة إنزال القرآن بقوله : ﴿إِلَّا﴾ ليكون ﴿تَذْكِرَةً﴾ وعظة ﴿لِمَنْ يَخْشى﴾ سوء العاقبة ، ويتأثّر بالآيات والنّذر ، فإنّه المنتفع بها.
وقيل : إنّ ( إلّا ) بمعنى ( لكنّ ) (٧) .
ثمّ بيّن عظم شأن القرآن بقوله : ﴿تَنْزِيلاً﴾ قيل : أي نزّل تنزيلا (٨) متدرّجا بديعا ﴿مِمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّماواتِ الْعُلى﴾ والمرفوعات ، وهو ﴿الرَّحْمنُ﴾ الّذي ﴿عَلَى الْعَرْشِ﴾ وسرير الملك ، أو عالم الوجود ﴿اسْتَوى﴾ واستولى بقدرته ، أو بعلمه وتدبيره ، أو بفيضه المنبسط على جميع الذرّات.
عن الصادق عليهالسلام يقول : « على الملك احتوى » (٩) .
__________________
(١) تفسير الرازي ٢٢ : ٤.
(٢) تفسير القمي ٢ : ٥٨ ، تفسير الصافي ٣ : ٢٩٩.
(٣) الكافي ٢ : ٧٧ / ٦ ، تفسير الصافي ٣ : ٢٩٩.
(٤) الاحتجاج : ٢١٩ ، تفسير الصافي ٣ : ٢٩٩.
(٥) تفسير الرازي ٢٢ : ٤.
(٦) تفسير الرازي ٢٢ : ٣.
(٧) تفسير الرازي ٢٢ : ٤.
(٨) تفسير الرازي ٢٢ : ٤.
(٩) التوحيد : ٣٢١ / ١ ، تفسير الصافي : ٣ : ٣٠٠.