ومرض برص تكون هذه ﴿آيَةً أُخْرى﴾ على قدرتي ، ونبوّتك ، ومعجزة قاهرة غير انقلاب العصا حيّة.
روي أنّه عليهالسلام كان شديد الادمة ، فكان إذا أدخل يده اليمنى في جيبه وتحت إبطه الأيسر وأخرجها كانت تبرق مثل البرق - وقيل : مثل الشمس - من غير برص ، ثمّ إذا ردّها عادت إلى لونها الأول بلا نور (١) .
وعن الصادق عليهالسلام : ﴿ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ﴾ من غير علّة ، وذلك أنّ موسى عليهالسلام كان شديد السّمرة ، فأخرج يده من جيبه ، فأضاءت له الدنيا » (٢) .
وإنّما فعلنا ما فعلنا من إظهار الآيتين ﴿لِنُرِيَكَ﴾ بها بعضا ﴿مِنْ آياتِنَا الْكُبْرى﴾ قيل : إنّ المعنى لنريك الكبرى من آياتنا (٣) .
ثمّ أنّه تعالى بعد إعطائه الآيتين أمره بالرّسالة بقوله : ﴿اذْهَبْ﴾ يا موسى ، للدعوة إلى التوحيد والتحذير من الطّغيان ﴿إِلى فِرْعَوْنَ﴾ ملك مصر بهاتين الآيتين ﴿إِنَّهُ طَغى﴾ وتجاوز عن الحدّ في الكفر والطغيان.
عن وهب ، أنّه قال : قال الله تعالى لموسى : إسمع كلامي ، واحفظ وصيّتي ، وانطلق برسالتي ، فإنّك بعيني وسمعي ، وإنّ معك يدي ونصري (٤) ، وإنّي ألبستك جنّة من سلطاني (٥) لتستكمل بها القوّة في أمري ، أبعثك إلى خلق ضعيف من خلقي ، بطر بنعمتي ، وأمن مكري ، وغرّته الدنيا حتى جحد حقّي ، وأنكر ربوبيتي ، وسقط عن عيني ، فبلّغه عنّي رسالتي ، وادعه إلى عبادتي ، وحذّره نقمتي ، إلى أن قال : فسكت موسى سبعة أيّام لا يتكلّم ، ثمّ جاءه ملك فقال : أجب ربّك في ما أمرك (٦) .
فلمّا كلّف موسى عليهالسلام بهذا التكليف الشاقّ ﴿قالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي﴾ ووسّع قلبي بحيث لا يضيق بسفاهة المعاندين ولجاج العاتين ، أو زد حفظي وذكائي وجودة ذهني حتى أحفظ ما تنزل من الوحي وأفهمه ، أو قوّ قلبي حتى أجترئ على مخاطبة فرعون وقومه ومعارضتهم.
﴿وَيَسِّرْ لِي﴾ وسهّل عليّ ﴿أَمْرِي﴾ من الدعوة والتبليغ بتهيئة الأسباب ورفع الموانع ﴿وَاحْلُلْ عُقْدَةً﴾ قليلة ، وأزل لكنة يسيرة ﴿مِنْ لِسانِي﴾ كي ﴿يَفْقَهُوا﴾ ويفهموا ﴿قَوْلِي﴾ وكلامي عند تبليغ الرسالة ، ولا يشقّ عليّ مكالمة فرعون وملئه.
__________________
(١) تفسير الرازي ٢٢ : ٣٠.
(٢) تفسير القمي ٢ : ١٤٠ ، تفسير الصافي ٣ : ٣٠٤.
(٣) جوامع الجامع : ٢٨٠.
(٤) في تفسير الرازي : وبصري.
(٥) في النسخة : جبّة سلطاني.
(٦) تفسير الرازي ٢٢ : ٣٠.