وتنزيها ﴿كَثِيراً﴾ دائما ﴿وَنَذْكُرَكَ﴾ بصفات الجلال والجمال ذكرا ﴿كَثِيراً﴾ فإنّ التعاون يهيّج الرّغبات ويؤثّر في تكاثر الخيرات ﴿إِنَّكَ﴾ يا مولاي ﴿كُنْتَ بِنا﴾ وبمصالحنا ، أو بما في قلوبنا من الخلوص في الطاعة ، أو بغرضنا من الاستعانة ﴿بَصِيراً﴾ وعليما.
قال العلامة ( رضوان الله عليه ) في ( نهج الحق ) : وفي ( مسند أحمد ) قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : « اللهم إنّي أقول كما قال أخي موسى : إجعل لي وزيرا من أهلي عليّا أخي اشدد به أزري وأشركه في أمري» (١) .
في ردّ بعض روايات العامة وإبطالها
أقول : وقد اشتهر بين العامّة والخاصّة قوله صلىاللهعليهوآله لعلي : « أنت منّي بمنزلة هارون من موسى إلّا أنّه لا نبيّ بعدي » (٢) ومن العجب أنّه مع ذلك روى بعض العامّة أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله قال : « إنّ لي في السّماء وزيرين ، وفي الأرض وزيرين ، فاللّذان في السّماء : جبرئيل وميكائيل ، واللّذان في الأرض : أبو بكر وعمر » (٣) ،
فإنّ هذه الرواية تنافي الخبرين المعتبرين السابقين المعتضدين بقوله صلىاللهعليهوآله : « لأعطينّ الراية غدا رجلا يحبّ الله ورسوله ، ويحبّه الله ورسوله » (٤) وقوله في حديث الطائر : « اللهمّ ائتني بأحبّ خلقك إليك » (٥) .
والحاصل : أنّه لا شبهة أنّ عليا عليهالسلام كان أخا الرسول صلىاللهعليهوآله ، وأخصّ أهله ، وأحبّ الخلق إليه ، لكونه أحبّ الخلق إليه تعالى ، ووصيّة كما كان يوشع بن نون وصيّ موسى ، وكانا من شجرة واحدة ، وكان نورهما واحدا ، وكان أعلم الصحابة وأعقلهم وأقضاهم بحيث قال عمر : « لا قضيّة لا يكون فيها أبو الحسن » « ولو لا عليّ لهلك عمر » (٦) ، وكان من النبيّ صلىاللهعليهوآله بمنزلة هارون من موسى ، ولم يكفر بالله طرفة عين ، وقال : « سلوني » (٧) ولم يسأل هو عن أحد غير النبيّ صلىاللهعليهوآله ، وكان حامل لوائه ومبلّغ براءة عنه ، ولم يخالفه في شيء ، إلى غير ذلك ممّا لا يحصى من محامده ، ومع ذلك كيف يمكن أن تكون وزارته
__________________
(١) نهج الحق : ٢٢٩ ، فضائل الصحابة لأحمد بن حنبل ٢ : ٦٧٨ / ١١٥٨.
(٢) صحيح البخاري ٥ : ٨٩ / ٢٠٢ ، صحيح مسلم ٤ : ١٨٧٠ / ٢٤٠٤ ، سنن الترمذي كتاب المناقب ٥ / ٣٧٣٠ ، مستدرك الحاكم ٣ : ٣٣٧ ، مسند احمد ١ : ١٧٣ ، ١٧٥ ، ١٨٢ ، ١٨٤ ، ٣٣١ ، مصابيح السنة ٤ : ٧٠ / ٤٧٦٢ ، جامع الأصول ٩ : ٤٦٨ / ٦٤٧٧ ، أمالي المفيد : ٥٧ / ٢ ، أمالي الطوسي : ٢٥٣ / ٤٥٣ ، الكافي ٨ : ١٠٧ / ٨٠.
(٣) تفسير الرازي ٢٢ : ٤٨ ، تفسير روح البيان ٥ : ٣٨٠.
(٤) صحيح البخاري ٥ : ٨٧ / ١٩٧ و١٩٨ ، وص ٢٧٩ / ٢٣١ ، صحيح مسلم ٤ : ١٨٧١ / ٣٢ - ٣٤ ، سنن الترمذي ٥: ٦٣٨ / ٣٧٢٤ ، سنن ابن ماجة ١ : ٤٣ / ١١٧ ، مسند أحمد ١ : ١٨٥ و٥ : ٣٥٨ وغيرها.
(٥) سنن الترمذي ٥ : ٦٣٦ / ٣٧٢١ ، خصائص النسائي : ٥ ، فضائل الصحابة لأحمد ٢ : ٥٦٠ / ٩٤٥ ، مستدرك الحاكم ٣ : ١٣٠ - ١٣٢ ، مصابيح السنّة ٤ : ١٧٣ / ٤٧٧٠ ، أسد الغابة ٤ : ٣٠.
(٦) الاستيعاب بهامش الاصابة ٣ : ٣٩.
(٧) نهج البلاغة بتحقيق صبحي الصالح : ٢٨٠ الخطبة ١٨٩ ، الاستيعاب ٣ : ٤٣.