متوسّطا بيننا وبينك مسطّحا مستويا لا يحجب العين ارتفاعه وانخفاضه ﴿قالَ﴾ موسى : نعم ﴿مَوْعِدُكُمْ﴾ وزمان اجتماعكم معنا للمعارضة ﴿يَوْمُ﴾ العيد الذي هو يوم ﴿الزِّينَةِ﴾ لقومك ، قيل : هو يوم النّيروز (١) . وقيل : يوم سوق لهم (٢) . وعن ابن عباس : يوم عاشوراء (٣) .
﴿وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ﴾ ويجتمعون من كلّ مكان في ﴿ضُحًى﴾ وحين ارتفاع الشمس ، ليشهد عموم الناس تلك الوقعة ، ولا يمكن إنكار ما وقع فيها من الغلبة ، وينسدّ باب الرّيبة ﴿فَتَوَلَّى﴾ وأعرض ﴿فِرْعَوْنُ﴾ عن موسى عليهالسلام ، وخرج من المجلس ، وأرسل إلى البلاد والمدائن ، وأمر بحضور من كان فيها من السّحرة في الموعد ﴿فَجَمَعَ كَيْدَهُ﴾ وما يحتال به في إبطال دعوى موسى عليهالسلام من السّحرة والآلات والأدوات ﴿ثُمَّ أَتى﴾ الموعد هو مع ملئه ، وأتى موسى أيضا و﴿قالَ لَهُمْ مُوسى﴾ نصحا وزجرا عن معارضتهم الحقّ : ﴿وَيْلَكُمْ﴾ يا قوم ، ارتدعوا عمّا أنتم فيه من الكفر والعناد مع الحقّ و﴿لا تَفْتَرُوا﴾ ولا تكذّبوا ﴿عَلَى اللهِ كَذِباً﴾ بيّنا بنسبة الشريك إليه والسّحر إليّ ﴿فَيُسْحِتَكُمْ﴾ ويهلككم الله ويستأصلكم ﴿بِعَذابٍ﴾ عظيم لا يقادر قدره ﴿وَقَدْ خابَ﴾ وحرم من كلّ خير مرجوّ ﴿مَنِ افْتَرى﴾ وبهت على الله كان من كان.
قيل : أثّر قول موسى عليهالسلام في بعض السّحرة دون بعض (٤)﴿فَتَنازَعُوا﴾ واختلفوا في معارضته.
وقيل : إنّ قول موسى عليهالسلام غاظ السّحرة ، فتنازعوا (٥)﴿أَمْرَهُمْ﴾ الذي أرادوه من معارضة موسى عليهالسلام وتشاوروا ﴿بَيْنَهُمْ﴾ في كيفيّتها ، وأطالوا القول في ذلك ﴿وَأَسَرُّوا النَّجْوى﴾ وبالغوا في إخفاء مذاكراتهم ، لئلّا يقف عليها موسى عليهالسلام فيدفعها ، وكان من نجواهم أنّهم ﴿قالُوا﴾ أيّها الرّفقة ﴿إِنْ هذانِ﴾ الرجلان ﴿لَساحِرانِ.﴾
وقيل : إنّ كلمة ( إن ) نافية ، واللام في ( لساحران ) بمعنى ( إلّا ) ، والمعنى : ما هذان إلّا ساحران (٦) ، ﴿يُرِيدانِ أَنْ يُخْرِجاكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ﴾ وأوطانكم ، ويستوليا على مملكتكم ﴿بِسِحْرِهِما﴾ الذي أظهراه من قبل ﴿وَيَذْهَبا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلى﴾ ومذهبكم الذي هو أفضل المذاهب ، وهو مذهب فرعون ، ويشيعا دينهما بينكم.
وقيل : إنّ الطريقة اسم لوجوه القوم وأشرافهم ، لكونهم قدوة لغيرهم (٧) .
ثمّ أنّهم بعد ذكر مضارّ غلبة موسى عليهالسلام كأنّهم قالوا : إذا علمتم ذلك ﴿فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ﴾ وآراءكم ،
__________________
(١) تفسير الرازي ٢٢ : ٧٣ ، تفسير أبي السعود ٦ : ٢٤.
(٢ و٣) تفسير الرازي ٢٢ : ٧٣.
(٤) مجمع البيان ٧ : ٣٠.
(٥) تفسير أبي السعود ٦ : ٢٥ ، تفسير روح البيان ٥ : ٤٠٠.
(٦) تفسير الرازي ٢٢ : ٧٥ ، مجمع البيان ٧ : ٢٨.
(٧) تفسير الرازي ٢٢ : ٨٠ ، تفسير أبي السعود ٦ : ٢٥.