﴿فَنَسِيَ﴾ وترك الاهتمام بالعمل بالعهد ﴿وَلَمْ نَجِدْ﴾ ولم نعلم ﴿لَهُ عَزْماً﴾ وثباتا على العهد ، وتصلّبا في امتثال النهى ، فأزلّه الشيطان وغرّه.
عن النبيّ صلىاللهعليهوآله : « لو وزنت أحلام بني آدم بحلم آدم لرجح حلمه » وقد قال تعالى : ﴿وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً﴾ والمعنى أنّ آدم مع ذلك الحلم أثّرت فيه وسوسة الشيطان ، فكيف في غيره ؟ (١)
عن الباقر عليهالسلام : « أنّ الله تعالى عهد إلى آدم أن لا يقرب هذه الشجرة ، فلمّا بلغ الوقت الذي كان في علم الله أن يأكل منها نسي فأكل منها » (٢) .
وعنه عليهالسلام : « أنّ الله قال لآدم وزوجته لا تقرباها ، يعني لا تأكلا منها فقالا : نعم ، ولا يستثنيا في قولهما فوكّلهما إلى أنفسهما وإلى ذكرهما » (٣) .
وعن الصادق عليهالسلام : « سمّي الإنسان إنسانا لأنّه ينسى ، قال الله : ﴿وَلَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ ﴾(٤) .
وعن أحدهما عليهماالسلام أنّه سئل : كيف أخذ الله آدم بالنسيان ؟ فقال : « إنّه لم ينس ، وكيف ينسى وهو يذكّره ويقول له إبليس : ﴿ما نَهاكُما رَبُّكُما عَنْ هذِهِ الشَّجَرَةِ﴾ إلى أخره » (٥) .
أقول : لا يمكن كون المراد بالنسيان ما يقابل الذّكر ؛ لأنّه لا يجوز النسيان على النبيّ في وقت مع أنّ الله علّمه الأسماء كلّها ، وأنّ الروايات الكثيرة دالة على تذكّره النّهي ، فالأولى بل المتعيّن حمل النسيان على الترك.
عن الباقر عليهالسلام قال : « عهد الله إليه في محمّد والأئمّة من بعده فترك ، ولم يكن له عزم فيهم أنّهم هكذا ، وإنّما سمّوا اولو العزم لأنّه عهد إليهم في محمّد صلىاللهعليهوآله والأوصياء من بعده والمهدي وسيرته ، فأجمع عزمهم أنّ ذلك كذلك وأقرّوا به » (٦) .
وعنه عليهالسلام - في حديث - قال : « وأخذ الميثاق على أولي العزم : أنّني ربّكم ، ومحمّد رسولي ، وعلي أمير المؤمنين وأوصياءه من بعده ولاة أمري وخزّان علمي ، وأنّ المهديّ أنتصر به لديني ، وأظهر به دولتي ، وأنتقم به من أعدائي ، وأعبد به طوعا وكرها. قالوا : أقررنا وشهدنا ، ولم يجحد آدم ولم يقرّ ، فثبتت العزيمة لهؤلاء الخمسة في المهدي ، ولم يكن لآدم عزم على الإقرار به ، وهو قوله تعالى :
__________________
(١) تفسير روح البيان ٥ : ٤٣٤.
(٢) الكافي ٨ : ١١٣ / ٩٢ ، كمال الدين : ٢١٣ / ٢ ، تفسير الصافي ٣ : ٣٢٣.
(٣) الكافي ٧ : ٤٤٨ / ٢ ، تفسير الصافي ٣ : ٣٢٣.
(٤) علل الشرائع : ١٥ / ١ ، تفسير الصافي ٣ : ٣٢٣.
(٥) تفسير العياشي ٢ : ١٣٨ / ١٥٥١ ، تفسير الصافي ٣ : ٣٢٣.
(٦) بصائر الدرجات : ٩٠ / ١ ، علل الشرائع : ١٢٢ / ١ ، تفسير الصافي ٣ : ٣٢٣.