فأطعمني من يمنّ بها عليّ ، ويعيّرني بفقري وهلاك أولادي (١) . وبقي في البلاء ثلاث سنين (٢) .
وعن الحسن : أنّه عليهالسلام مكث بعد ما ألقى على الكناسة سبع سنين وأشهرا (٣) .
وعن مقاتل : بقي أيّوب عليهالسلام في البلاء سبع سنين وسبعة أشهر وسبعة أيّام وسبع ساعات (٤) .
وعن أنس ، عن النبيّ صلىاللهعليهوآله : « أنّه بقي في البلاء ثماني عشرة سنة ، فرفضه القريب والبعيد إلّا رجلين من إخوانه كانا يغدوان ويروحان إليه ، فقال أحدهما للآخر ذات يوم : والله لقد أذنب أيّوب ذنبا ما أذنبه أحد من العالمين. فقال له صاحبه : وما ذاك ؟ فقال : منذ ثماني عشرة سنة لم يرحمهالله تعالى ولم يكشف ما به.
فلمّا راحا إلى أيّوب ، لم يصبر الرجل حتى ذكر ذلك لأيّوب ، فقال أيوب عليهالسلام : ما أدري ما تقولان غير أنّ الله تعالى يعلم أنّي كنت أمرّ على الرجلين يتنازعان فيذكران الله عزوجل ، فأرجع إلى بيتي فأكفّر عنهما كراهيّة أن يذكر الله إلّا في حقّ » (٥) .
وفي رواية : أنّ الرجلين لمّا دخلا عليه وجدا ريحا فقالا : لو كان لأيّوب عند الله خير ما بلغ إلى هذه الحالة ، قال : فما شقّ على أيّوب شيء ممّا ابتلي به أشدّ ممّا سمع منهما ، فقال : اللهمّ إن كنت تعلم أنّي لم أبت شبعانا وأنا أعلم بمكان جائع فصدّقني. فصدّقه وهما يسمعان ، ثمّ خرّ أيّوب ، ساجدا. ثمّ قال : أللهمّ إنّي لا أرفع رأسي حتى تكشف مابي (٦) .
وعن الحسن : أنّه لم يبق لأيّوب عليهالسلام مال ولا ولد ولا صديق إلّا امرأته رحمة صبرت معه ، وكانت تأتيه بالطّعام ، وتحمد الله تعالى مع أيّوب عليهالسلام ، وكان أيّوب مواظبا على حمد الله ، والثناء عليه ، والصبر على ما ابتلاه ، فصرخ إبليس صرخة جزعا من صبر أيّوب ، فاجتمع جنوده من أقطار الأرض ، وقالوا له : ما خبرك ؟ قال : أعياني هذا العبد الذي سألت الله أن يسلّطني عليه وعلى ماله وولده ، فلم أدع له مالا ولا ولدا ، ولم يزدد بذلك إلّا صبرا وحمدا لله تعالى ، ثمّ سلّطت على جسده ، فتركته ملقى على كناسة وما يقربه إلّا امرأته ، وهو مع ذلك لا يفتر عن الذّكر وحمد الله ، فاستعنت بكم لتعينونني عليه.
فقالوا له : أين مكرك ؟ أين عملك الذي أهلكت به من مضى ؟ قال : بطل ذلك كلّه في أيّوب ، فأشيروا عليّ.
__________________
(١) تفسير الرازي ٢٢ : ٢٠٣.
(٢) تفسير الرازي ٢٢ : ٢٠٧.
(٣) تفسير الرازي ٢٢ : ٢٠٦.
(٤) تفسير الرازي ٢٢ : ٢٠٧.
(٥) تفسير الرازي ٢٢ : ٢٠٥.
(٦) تفسير الرازي ٢٢ : ٢٠٦.