الْأَرْضِ﴾ لانتفاعكم به ﴿وَإِنَّا عَلى ذَهابٍ بِهِ﴾ من وجه الأرض وإزالته بالأسباب العادية وغيرها بالله ﴿لَقادِرُونَ﴾ كما كنّا قادرين على إنزاله وإتيانه.
عن ابن عباس ، عن النبي صلىاللهعليهوآله : « أنّ الله أنزل من الجنّة خمسة أنّهار : جيحون ، وسيحون ، ودجلة ، والفرات ، والنّيل ، فأنزلها الله تعالى من عين واحدة من عيون الجنّة من أسفل درجة من درجاتها على جناحي جبرئيل ، استودعها الجبال وأجراها في الأرض ، وجعل فيها منافع للنّاس ، فذلك قوله : ﴿وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ﴾ وإذا كان عند خروج يأجوج ومأجوج أرسل الله جبرئيل فرفع من الأرض القرآن ، والعلم ، والحجر الأسود من البيت ، ومقام إبراهيم ، وتابوت موسى بما فيه ، وهذه الأنهار الخمسة إلى السّماء ، وذلك قوله : ﴿وَإِنَّا عَلى ذَهابٍ بِهِ لَقادِرُونَ﴾ فإذا رفعت هذه الأشياء من الأرض ، فقد أهلها خير الدّين والدّنيا » (١) .
وعن الباقر عليهالسلام : « هي الأنهار والعيون » (٢) .
وعن الصادق عليهالسلام : « يعني ماء العقيق » (٣) .
أقول : العقيق اسم واد.
﴿فَأَنْشَأْنا﴾ وخلقنا ﴿لَكُمْ﴾ بعد إنزال الماء ﴿بِهِ﴾ في الأرض ﴿جَنَّاتٍ﴾ وبساتين ذات أشجار ﴿مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنابٍ﴾ هي أحبّ الأشجار عندكم وأنفعها ، حيث تكون ثمارها غذاء وفاكهة و﴿لَكُمْ فِيها﴾ مع تلك الأشجار النافعة ﴿فَواكِهُ﴾ وثمار ﴿كَثِيرَةٌ﴾ بها تتفكّهون ﴿وَمِنْها﴾ ثمار وزروع ، ﴿تَأْكُلُونَ﴾ وبها تتعيّشون ﴿وَ﴾ أنشأنا لكم ﴿شَجَرَةً﴾ مباركة زيتونة تكون من شرفها أنّها بالخصوص ﴿تَخْرُجُ مِنْ﴾ جبل ﴿طُورِ سَيْناءَ﴾ الذي منه نودي موسى عليهالسلام وكلّمه الله عليه تكليما.
وهي بين مصر وأيلة ، أو بفلسطين.
وقيل : إنّ سيناء اسم البقعة. وقيل : إنّ معناه حسن. وقيل : أوّل ما نبت الزّيتون هناك (٤) . وقيل : فيه معظمها (٥) .
وفائدتها أنّها ﴿تَنْبُتُ﴾ مستصحبة ﴿بِالدُّهْنِ.﴾ وقيل : إنّ ( الباء ) بمعنى ( مع ) (٦) . وقيل : إنّها للتّعدية ، والمعنى أنّها تنبت بثمرة جامعة لدهن يدّهن ويسرّح به (٧)﴿وَصِبْغٍ﴾ وإدام يصبغ ويغمس فيه الخبز ، ويلوّن به مثل الدّبس والخلّ ﴿لِلْآكِلِينَ.﴾
__________________
(١) تفسير روح البيان ٦ : ٧٤.
(٢) تفسير القمي ٢ : ٩١ ، تفسير الصافي ٣ : ٣٩٦.
(٣) الكافي ٦ : ٣٩١ / ٤ ، تفسير الصافي ٣ : ٣٩٦.
(٤) تفسير روح البيان ٦ : ٧٦.
(٥) تفسير الرازي ٢٣ : ٨٩.
(٦) تفسير الرازي ٢٣ : ٨٩ ، تفسير روح البيان ٦ : ٧٦.
(٧) تفسير البيضاوي ٢ : ١٠٢ ، تفسير روح البيان ٦ : ٧٦ ، تفسير الصافي ٣ : ٣٩٧.