رأى شريك بن سمحاء على بطن امرأته خولة ، وكان عويمر وخولة وشريك كلهم بنو عمّ عاصم.
فدعا رسول الله صلىاللهعليهوآله بهم جميعا وقال لعويمر : « اتّق الله في زوجتك وابنة عمّك ولا تقذفها » . فقال : يا رسول الله ، اقسم بالله إنّي رأيت شريكا على بطنها ، وإني ما قربتها أربعة أشهر ، وإنّها حبلى من غيري.
فقال لها رسول الله صلىاللهعليهوآله : « اتّقي الله ولا تخبري إلّا بما صنعت » فقالت : يا رسول الله ، إنّ عويمرا رجل غيور ، وإنّه رأى شريكا يطيل النظر إليّ ويتحدّث ، فحملته الغيرة على ما قال. فنزلت هذه الآية ، فأمر رسول الله صلىاللهعليهوآله حتى نودي الصلاة جامعة ، فصلّى العصر ، ثمّ قال لعويمر : « قم وقل : أشهد بالله أن خولة لزانية وأني لمن الصادقين » ثمّ قال في الثانية : « قل أشهد بالله أني رأيت شريكا على بطنها ، وأني لمن الصادقين » ثمّ قال في الثالثة : « قل أشهد بالله أنّها حبلى من غيري ، وأنّي لمن الصادقين » . ثمّ قال في الرابعة : « قل أشهد بالله أنّها زانية ، وأنّي ما قربتها منذ أربعة أشهر ، وأنّي لمن الصادقين » . ثمّ قال في الخامسة : « قل لعنة الله على عويمر - يعني نفسه - إن كان من الكاذبين فيما قال » .
ثمّ قال : « اقعد » وقال لخولة : « قومي » فقامت ، وقالت : أشهد بالله ما أنا بزانية ، وأنّ زوجي عويمرا لمن الكاذبين. وقالت في الثانية : أشهد بالله أنّي حبلى منه ، وأنّه لمن الكاذبين ، وقالت في الرابعة : أشهد بالله أنّه ما رآني على فاحشة قطّ وأنّه لمن الكاذبين ، وقالت في الخامسة : غضب الله على خولة إن كان عويمر من الصادقين في قوله ، ففرّق رسول الله صلىاللهعليهوآله بينهما (١) .
وفي رواية اخرى : عن ابن عباس : أنّ عاصما ذات يوم رجع إلى أهله ، فوجد شريكا على بطن امرأته إلى آخر ما تقدّم (٢) .
وفي رواية ثالثة عنه : لمّا نزلت ﴿وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ﴾ قال سعد بن عبادة - وهو سيد الأنصار - : لو وجدت رجلا على بطن امرأتي فإن جئت بأربعة شهداء يكون قد قضى حاجته وذهب.
فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : « يا معشر الأنصار ، أما تسمعون ما يقول سيدكم ؟ » فقالوا : يا رسول الله ، لا تلمه فانّه رجل غيور. فقال سعد : يا رسول الله ، والله إني لأعلم أنّها من الله ، وأنّها حقّ ، ولكنّي عجبت منه. فقال صلىاللهعليهوآله : « إنّ الله يأبى إلّا ذلك » .
قال : فلم يلبثوا إلّا إذ جاء ابن عمّ له يقال له هلال بن امية - وهو أحد الثلاثة الذين تاب الله عليهم - فقال : يا رسول الله ، إنّي وجدت مع أمرأتي رجلا رأيت بعيني وسمعت باذني ، فكره رسول الله صلىاللهعليهوآله ما جاء به. فقال هلال : والله يا رسول الله لأجد الكراهة في وجهك ممّا أخبرتك به ، والله يعلم أنّي
__________________
(١) تفسير الرازي ٢٣ : ١٦٤.
(٢) تفسير الرازي ٢٣ : ١٦٥.