وأمّا الخاصة فإنّهم رووا أنّها نزلت في مارية القبطية وما رمتها به عائشة (١) .
ثمّ روى عن الباقر عليهالسلام أنه قال : « لما هلك إبراهيم ابن رسول الله صلىاللهعليهوآله ، حزن عليه رسول الله صلىاللهعليهوآله حزنا شديدا ، فقالت له عائشة : ما الذي يحزنك عليه ، فما هو إلّا ابن جريح ، فبعث رسول الله صلىاللهعليهوآله عليا وأمره بقتله ، فذهب علي عليهالسلام [ إليه ] ومعه السيف ، وكان جريح القبطي في حائط ، [ وضرب علي عليهالسلام باب البستان ، فأقبل إليه جريح ليفتح له الباب ، فلما رأى عليا عليهالسلام عرف في وجهه الغضب ، فأدبر راجعا ولم يفتح الباب ، فوثب عليّ عليهالسلام على الحائط ] ونزل إلى البستان واتّبعه ، وولى جريح مدبرا ، فلمّا خشي أن يرهقه صعد في نخلة ، وصعد علي عليهالسلام في أثره ، فلمّا دنا منه رمى بنفسه من فوق النخلة ، فبدت عورته ، فاذا ليس له ما للرجال ، ولا له ما للنساء ، فانصرف علي عليهالسلام إلى النبيّ صلىاللهعليهوآله ، فقال له : يا رسول الله ، إذا بعثتني في أمر أكون فيه كالمسمار المحميّ في الوبر ، أمضى على ذلك (٢) أو اتثبّت ، قال : لا ، بل تثبّت قال : والذي بعثك بالحقّ ماله ما للرجال ، ولا له ما للنساء. فقال [ رسول الله صلىاللهعليهوآله ] : الحمد لله الذي صرف عنّا السوء أهل البيت » (٣) .
وزاد في رواية اخرى : « فأتى به رسول الله صلىاللهعليهوآله فقال له : ما شأنك يا جريح ؟ فقال : يا رسول الله ، إن القبط يحبّون حشمهم ومن يدخل إلى أهاليهم ، والقبطيون لا يأنسون إلّا بالقبطيين ، فبعثني أبوها لأدخل عليها وأخدمها وأؤنسها » (٤) .
وعن الصادق عليهالسلام : أنّه سئل : كان رسول الله صلىاللهعليهوآله أمر بقتل القبطي وقد علم أنّها كذبت عليه ، أو لم يعلم ، وإنّما دفع الله عن القبطي القتل بتثبّت علي عليهالسلام فقال : « بلى ، قد كان والله أعلم ، ولو كانت عزيمة من رسول الله صلىاللهعليهوآله القتل لما رجع عليّ عليهالسلام حتى يقتله ، ولكن إنّما فعل رسول الله صلىاللهعليهوآله لترجع عن ذنبها ، فما رجعت ، ولا اشتدّ عليها قتل رجل مسلم بكذبها » (٥) .
أقول : حاصل المراد أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله كان عالما بكذب عائشة في رمي مارية ، وكان يعلم أنّ الله يظهر الحقّ ، وإنّما بعث عليا عليهالسلام لذلك ، ولترجع عائشة عن ذنبها ، ولعل النبيّ صلىاللهعليهوآله ترك جلدها لعفو مارية عنها لميل رسول الله صلىاللهعليهوآله إليها.
إن قلت : ظاهر الآية أنّ الإفك صدر من جماعة حيث قال : ﴿إِنَّ الَّذِينَ جاؤُ بِالْإِفْكِ﴾ ومقتضى الرواية أنّه صدرت من عائشة فقط.
__________________
(١) تفسير القمي ٢ : ٩٩ ، تفسير الصافي ٣ : ٤٢٣.
(٢) ( أمضي على ذلك ) ليس في تفسير القمي.
(٣) تفسير القمي ٢ : ٩٩ ، تفسير الصافي ٣ : ٤٢٣.
(٤) تفسير القمي ٢ : ٣١٩ ، تفسير الصافي ٣ : ٤٢٤.
(٥) تفسير القمي ٢ : ٣١٩ ، تفسير الصافي ٣ : ٤٢٤.