الصلاح والتقوى (١) .
وقيل : إنّه من باب التسمية باسم ما يؤول إليه ، فانّ الفاسق إذا زوّج استغنى بالحلال عن الحرام(٢) .
ثمّ بالغ سبحانه بالحثّ عليه بقوله : ﴿إِنْ يَكُونُوا﴾ الأحرار والمماليك ﴿فُقَراءَ﴾ وعادمي المال ﴿يُغْنِهِمُ اللهُ﴾ ويكفيهم مؤنتهم ﴿مِنْ فَضْلِهِ﴾ وإحسانه فلا يمنع فقر الخاطب والمخطوبة من المناكحة ؛ لأنّ في فضل الله غنية ﴿وَاللهُ واسِعٌ﴾ فضلا وقدرة ﴿عَلِيمٌ﴾ بمصالح عباده في بسط الرزق والتقتير ، ففي الآية دلالة على استحباب النّكاح للعزّاب [ سواء أ ] كانوا أغنياء أم فقراء تائقين (٣) أم مطيقين.
روي أنّه « من تزوّج فقد أحرز نصف دينه » (٤) .
وعن الصادق عليهالسلام ، عن أبيه ، عن آبائه عليهمالسلام ، قال : « قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : من ترك التزويج مخافة العيلة (٥) فقد أساء ظنّه بالله عزوجل ، إنّ الله عزوجل يقول : ﴿إِنْ يَكُونُوا فُقَراءَ يُغْنِهِمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ ﴾(٦) .
وعنه عليهالسلام : « جاء رجل إلى النبيّ صلىاللهعليهوآله فشكا إليه الحاجة ، فقال : تزوج فتزوّج فوسّع عليه»(٧).
وروى بعض العامة عنه عليهالسلام : أنّ رجلا شكا إليه الفقر فأمره أن يتزوّج فتزوّج الرجل ، فشكا إليه الفقر فأمره بأن يطلّقها فسئل عن ذلك فقال : « قلت له تزوّج ، لعلّه من أهل هذه الآية : ﴿إِنْ يَكُونُوا فُقَراءَ يُغْنِهِمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ﴾ فلمّا لم يكن من أهلها قلت : طلقها ، لعلّه من أهل آية اخرى : ﴿وَإِنْ يَتَفَرَّقا يُغْنِ اللهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ﴾(٨) .
وفي الحديث : « يأتي على الناس زمان لا تنال فيه المعيشة إلّا بالمعصية ، فاذا كان ذلك الزمان حلّت العزوبة » (٩) .
ثمّ إنّه استدلّ كثير من العامة بهذه الآية على أنّ أمر نكاح النساء بيد الأولياء ، وليس لهنّ الاستبداد به كالإماء اللّاتي أمر نكاحهنّ بيد مواليهنّ. وفيه منع واضح ، مضافا إلى معارضتها بقوله : ﴿فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْواجَهُنَّ إِذا تَراضَوْا بِالْمَعْرُوفِ﴾(١٠) وإلى الإجماع المحقّق على استبداد الثّيّبات به.
__________________
(١و٢) كنز العرفان ٢ : ١٣٥.
(٣) التائق : الشديد الاشتياق إلى الوطئ.
(٤) أمالي الطوسي : ٥١٨ / ١١٣٧.
(٥) العيلة : الفقر والحاجة.
(٦) الكافي ٥ : ٣٣٠ / ٥ ، تفسير الصافي ٣ : ٤٣٢.
(٧) الكافي ٥ : ٣٣٠ / ٢ ، تفسير الصافي ٣ : ٤٣٢.
(٨) تفسير روح البيان ٦ : ١٤٧ ، والآية من سورة النساء : ٤ / ١٣٠.
(٩) تفسير روح البيان ٦ : ١٤٨.
(١٠) البقرة : ٢ / ٢٣٢.