عن النبي صلىاللهعليهوآله : « إني امرت أن اقاتل الناس حتّى يقولوا لا إله إلّا الله ، فاذا قالوا عصموا منّي دماءهم وأموالهم إلّا بحقّها ، وحسابهم على الله » (١) .
قيل : وما حقّها ، يا رسول الله ؟ قال : « زنا بعد إحصان ، وكفر بعد إيمان ، وقتل نفس فيقتل بها » (٢) .
ثمّ ذكر حكم القصاص بقوله : ﴿وَمَنْ قُتِلَ﴾ من المؤمنين حال كونه ﴿مَظْلُوماً﴾ ومحترما دمه بأن لم يصدر منه ما يجوّز قتله ﴿فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ﴾ ووارث دمه من ورّاث ماله إن كانوا ، ومن الإمام الذي هو وارث من لا وارث له ﴿سُلْطاناً﴾ واستيلاء على القاتل إن شاء قتله ، وإن شاء أخذ الدّية ، فان اختار القتل ﴿فَلا يُسْرِفْ﴾ ولا يتجاوز الحدّ المقرّر ﴿فِي الْقَتْلِ﴾ بأن يقتل غير القاتل مع القاتل ، أو يمثّل بالمقتصّ منه ، أو يقتل عوض القاتل أشراف قومه ، وليس لأحد مزاحمة القاتل في استيفاء حقّه ﴿إِنَّهُ﴾ في شرع الاسلام ﴿كانَ مَنْصُوراً﴾ من قبل الله.
القمي : يعني ينصر ولد المقتول على القاتل (٣) .
عن الكاظم عليهالسلام ، أنّه سئل عن هذه الآية ، وقيل له : فما هذا الاسراف الذي نهى الله [ عنه ؟ ] قال : « نهى أن يقتل غير قاتله ، أو يمثّل بالقاتل » .
قيل : فما معنى قوله : ﴿إِنَّهُ كانَ مَنْصُوراً ؟﴾ قال : « وأيّ نصرة أعظم من أن يدفع القاتل [ إلى ] أولياء المقتول فيقتله ، ولا تبعة تلزمه من قتله في دين أو دنيا » (٤) .
عن العياشي [ عن أبي عبد الله عليهالسلام ] : « إذا اجتمع العدّة على قتل رجل واحد ، حكم الوالي أن يقتل أيّهم شاءوا ، وليس لهم أن يقتلوا أكثر من واحد ، إنّ الله عزوجل يقول : ﴿وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً﴾ إلى قوله : ﴿فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ ﴾(٥) .
وعن الصادق عليهالسلام : « نزلت في الحسين عليهالسلام ، لو قتل أهل الأرض به ما كان سرفا » (٦) .
وقيل : إنّ الاسراف في القتل ترجيحه على أخذ الدّية ، والمراد بالنهي النهي عن اختيار القتل (٧) ، وإنّما قدّم النهي عن الزنا على النهي عن القتل ، مع أنّ القتل أكبر الكبائر العملية ؛ لأنّ الجماع مقدّمة وجود الانسان ، والقتل إعدامه بعد الوجود ، وبيان حكم مقدمة وجود الانسان مقدّم بالطبع على حكم مترتّب
__________________
(١) سنن الترمذي ٥ : ٤٣٩ / ٣٣٤١ ، مسند أحمد ٤ : ٨.
(٢) تفسير الرازي ٢٠ : ٢٠٠ ، تفسير روح البيان ٥ : ١٥٥.
(٣) تفسير القمي ٢ : ١٩ ، تفسير الصافي ٣ : ١٩١.
(٤) الكافي ٧ : ٣٧٠ / ٧ ، تفسير الصافي ٣ : ١٩١ ، وفيهما : ولا دنيا.
(٥) تفسير العياشي ٣ : ٤٩ / ٢٥١٠ ، الكافي ٧ : ٢٨٤ / ٩ ، تفسير الصافي ٣ : ١٩١.
(٦) الكافي ٨ : ٢٥٥ / ٣٦٤ ، تفسير الصافي ٣ : ١٩١.
(٧) تفسير الرازي ٢٠ : ٢٠٢.