وارسلوا فيها نبيّهم ، وألقموا فاها صخرة عظيمة ، ثمّ أخرجوا الأنابيب من الماء ، وقالوا : نرجو الآن أن ترضي عنّا آلهتنا إذ رأت أنّا قتلنا من كان يقع فيها ويصدّ عن عبادتها ودفنّاه تحت التّراب ، وإن كبيرها يتشفّى منه ، فيعود لنا نورها ونضرتها (١) كما كان ، فبقوا عامّة يومهم يسمعون أنين نبيهم وهو يقول : سيدي قد ترى ضيق مكاني وشدّة كربي ، فارحم ضعف ركني ، وقلّة حيلتي ، وعجّل قبض روحي ، ولا تؤخّر إجابة دعوتي ، حتى مات.
فقال الله تعالى لجبرئيل عليهالسلام : يا جبرئيل ، أيظن عبادي هؤلاء الذين غرّهم حلمي ، وأمنوا مكري ، وعبدوا غيري ، وقتلوا رسولي أن يقوموا لغضبي ، ويخرجوا من سلطاني ؟ ! كيف وأنا المنتقم ممّن عصاني ، ولم يخش عقابي ، وإنّي حلفت بعزّتي لأجعلنّهم عبرة ونكالا للعالمين ، فلم يرعهم وهم في عيدهم ذلك إلّا بريح عاصفة شديدة الحمرة ، فتحيّروا فيها وذعروا منها وتضامّ بعضهم الى بعض ، ثمّ صارت الأرض من تحتهم كحجر كبريت يتوقّد ، وأظلّتهم سحابة سوداء ، فألقت عليهم كالقبّة جمرا يلتهب ، فذابت أبدانهم [ في النار ] كما يذوب الرصاص في النار » الخبر (٢) .
وروى بعض العامة هذه الرواية بتفاوت يسير (٣) .
عن علي بن الحسين عليهماالسلام ، عن أبيه ، عن أمير المؤمنين عليهمالسلام ، وعن الصادق عليهالسلام أنه دخل عليه نسوة فسألته امرأة منهنّ عن السّحق ، فقال : « حدّها حدّ الزاني ، فقالت : ما ذكر الله عزوجل ذلك في القرآن ؟ فقال عليهالسلام : « بلى » . فقالت : وأين هو ؟ قال : « هنّ أصحاب الرّسّ » (٤) .
والقمي عنه عليهالسلام ، قال : دخلت امرأة مع مولاتها على أبي عبد الله عليهالسلام ، فقالت : ما تقول في اللواتي مع اللواتي ؟ قال : « هنّ في النار ، إذا كان يوم القيامة اتي بهنّ فألبسن جلبابا من نار ، وخفّين من نار ، وقناعا من نار ، وادخل في أجوافهنّ وفروجهنّ أعمدة من نار ، وقذف بهنّ في النار » فقالت : ليس هذا في كتاب الله ؟ قال : « بلى » قالت : أين هو ؟ قال : « قوله : ﴿وَعاداً وَثَمُودَ وَأَصْحابَ الرَّسِ﴾ فهن الرّسيّات » (٥) .
أقول : هذه الروايات في بيان سبب إهلاك نسوتهم ، وما سبق في بيان سبب عقوبة الرجال ، فلا تنافي بينها.
﴿وَ﴾ أهلك ﴿قُرُوناً﴾ وامما كانوا ﴿بَيْنَ ذلِكَ﴾ المذكور من الامم حال كونهم ﴿كَثِيراً﴾ لا يعلمهم
__________________
(١) في عيون أخبار الرضا عليهالسلام : ونضارتها.
(٢) عيون أخبار الرضا عليهالسلام ١ : ٢٠٥ / ١ ، تفسير الصافي ٤ : ١٣.
(٣) تفسير روح البيان ٦ : ٢١٣.
(٤) الكافي ٧ : ٢٠٢ / ١ ، تفسير الصافي ٤ : ١٥.
(٥) تفسير القمي ٢ : ١١٣ ، تفسير الصافي ٤ : ١٥.