الطاعات ، ورفض الشهوات ، وتحمّل المجاهدات ﴿وَيُلَقَّوْنَ﴾ في الغرفة من الملائكة ، أو من ربّ العزّة ، وينالون ﴿فِيها تَحِيَّةً﴾ ودعاء بطول الحياة ﴿وَسَلاماً﴾ وصونا من شوائب الضّرر والآفات ، فيكون لهم بقاء بلا فناء ، وغني بلا فقر ، وعزّ بلا ذلّ ، وصحة بلا سقم ، وراحة بلا تعب حال كونهم ﴿خالِدِينَ فِيها﴾ لا يموتون ولا يخرجون منها ﴿حَسُنَتْ﴾ تلك الغرفة من حيث كونها ﴿مُسْتَقَرًّا﴾ ومنزلا ﴿وَمُقاماً﴾ ومحلّ إقامة.
ثمّ أنّه تعالى بعد حكاية دعاء العباد حثّ الناس في الدعاء والعبادة بقوله : ﴿قُلْ﴾ يا محمد للمؤمنين ﴿ما يَعْبَؤُا﴾ وما يصنع ، أو ما يبالي ، أو ما يعتني ﴿بِكُمْ رَبِّي.﴾
وقيل : إنّ ( ما ) استفهامية (١) ، والمعنى أي شيء يصنع بكم ، أو أيّ وزن لكم ؟ (٢)
وعن الباقر عليهالسلام : « ما يفعل بكم » (٣)﴿لَوْ لا دُعاؤُكُمْ﴾ ومسألتكم إياه ، أو تضرّعكم إليه في الشدائد ، أو إيمانكم ، أو عبادتكم ، أو شكركم له نعمه.
وقيل : يعني لو لا دعائي إيّاكم إلى الايمان والعبادة (٤) .
﴿فَقَدْ كَذَّبْتُمْ﴾ أيّها المشركون بما أخبرتكم من أنّ الله خلقكم ، أو من أن الاعتناء بشأنكم إنّما يكون للايمان والعبادة والدعاء ﴿فَسَوْفَ يَكُونُ﴾ هذا التكذيب ، أو جزاؤه الدنيوي أو الاخروي ﴿لِزاماً﴾ يحيق بكم لا محالة.
عن الباقر عليهالسلام ، أنّه سئل كثرة القراءة أفضل أم كثرة الدّعاء ؟ قال : « كثرة الدعاء أفضل » وقرأ هذه الآية (٥) .
عن الكاظم عليهالسلام (٦) : « من قرأ هذه السورة في كلّ ليلة لم يعذّبه الله أبدا ، ولم يحاسبه ، وكان (٧) في الفردوس الاعلى » (٨) .
__________________
(١) تفسير روح البيان ٦ : ٢٥٦.
(٢) تفسير أبي السعود ٦ : ٢٣٢.
(٣) تفسير القمي ٢ : ١١٨ ، تفسير الصافي ٤ : ٢٧.
(٤) تفسير الرازي ٢٤ : ١١٧.
(٥) مجمع البيان ٧ : ٢٨٥ ، تفسير الصافي ٤ : ٢٧.
(٦) في مجمع البيان : أبي الحسن الرضا عليهالسلام وفي ثواب الاعمال : أبي الحسن عليهالسلام.
(٧) زاد في ثواب الاعمال وتفسير الصافي : منزله.
(٨) ثواب الاعمال : ١٠٩ ، مجمع البيان ٧ : ٢٥٠ ، تفسير الصافي ٤ : ٢٨.