النبيّ صلىاللهعليهوآله فقاموا وذهبوا ، ثمّ دعاهم في يوم آخر ، وأحضر لهم مثل ذلك الطعام والشراب ، فأكلوا وشربوا ، ثمّ قام النبيّ صلىاللهعليهوآله وقال : « يا بني عبد المطلب ، إنّ الله بعثني إلى الخلق كافّة وإليكم خاصة فقال : ﴿وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ﴾ وأنا أدعوكم إلى كلمتين خفيفتين على اللسان ثقيلتين على الميزان تملكون بهما العرب والعجم ، وتنقاد لكم بهما الامم ، وتدخلون بهما الجنّة ، وتنجون بهما من النار ، شهادة أن لا إله إلّا الله ، وإنّي رسول الله ، فمن يجيبني إلى هذا الأمر ، ويؤازرني إلى القيام به يكن أخي ووزيري ووارثي وخليفتي من بعدي ؟ » فما أجابه أحد إلّا عليّ عليهالسلام فانّه قام وقال : « أنا اؤازرك على هذا الأمر » وهو أصغرهم سنا وأحمشهم (١) ساقا ، وأمرضهم عينا ، فقال له النبي صلىاللهعليهوآله : « اجلس ؟ »
ثمّ أعاد النبيّ صلىاللهعليهوآله كلامه ، فلم يجبه أحد ، فقام عليّ عليهالسلام وقال : « أنا أنصرك يا رسول الله » فقال : « أجلس يا علي ، فانّك أخي ووصيّي ووزيري ووارثي وخليفتي من بعدي » فقام القوم وقالوا لأبي طالب استهزاء : « أطع ابنك فقد أمّر عليك » (٢) .
وروى العلامة رضى الله عنه في ( نهج الحق ) عن ( مسند [ أحمد بن ] حنبل ) : لمّا نزل ﴿وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ﴾ جمع النبيّ صلىاللهعليهوآله من أهل بيته ثلاثين رجلا ، فأكلوا وشربوا [ ثلاثا ] ثمّ قال لهم : « من يضمن عنّي ديني ومواعيدي ، ويكون خليفتي ، ويكون معي في الجنّة » فقال عليّ عليهالسلام : « أنا » فقال : « أنت » .
قال رضى الله عنه : ورواه الثعلبي في ( تفسيره ) وزاد : يعيد ثلاث مرات في كلّ مرّة يسكت القوم غير عليّ عليهالسلام » (٣) .
وقال بعض المحقّقين : إنّ لفظ ( ديني ) بكسر الدال ، لأنّه لم يكن على النبيّ صلىاللهعليهوآله عند وفاته دين (٤) .
وعن أبي رافع أنّه جمع النبي صلىاللهعليهوآله بني عبد المطّلب ، وطبخ لهم فخذ شاة ، فأكلوا منه وشبعوا كلّهم ، ثمّ أعطاهم قدحا من اللّبن فشربوا ، ثمّ قال : « إنّ الله أمرني أن أنذر عشيرتي الأقربين ، وأنتم عشيرتي ورهطي ، وإنّ الله لم يبعث نبيا إلّا جعل له من أهله أخا ووزيرا ووارثا ووصيا وخليفة في أهله ، فأيّكم يقوم فيبايعني على أنّه أخي ووارثي ووزيري ووصيي ، ويكون منّي بمنزلة هارون من موسى إلّا أنّه لا نبيّ بعدي » ثمّ قال : « ليقومنّ قائمكم أو ليكوننّ من غيركم » فاعاد هذا الكلام ثلاثا ، فقام عليّ عليهالسلام فبايعه ، ثمّ قال : « ادن منّي يا علي » فدنا منه ، ففتح فاه فبزق في فمه ، وتفل بين كتفيه وبين يديه ، فقال
__________________
(١) أي أدقّهم.
(٢) مجمع البيان ٧ : ٣٢٢ ، الطرائف : ٢٠ / ١٣ ، تأويل الآيات ١ : ٣٩٤ / ٢٠ ، بحار الأنوار ٣٨ : ١٤٤ / ١١١ ، و: ٢٥١ / ٤٦.
(٣) مسند أحمد ١ : ١١١ ، كشف الحق : ٢١٣ / ٢ ، تاريخ الطبري ٢ : ٣١٩ ، الكامل في التاريخ ٢ : ٦٣ ، معالم التنزيل ٤ : ٢٧٨ ، شرح النهج ١٣ : ٢١٠ ، كنز العمال ١٣ : ١٣١ / ٣٦٤١٩.
(٤) كشف المراد : ٣٩٦ « نحوه » .