« كلمهم الله في نار جهنّم ، إنّما هو تكلّمهم من الكلام » (١) .
أقول : الظاهر أنّه نسب إلى العامة القول بأنّ يكلمهم من الكلم بمعنى الجرح (٢) ، فردّه عليهالسلام.
وعنه عليهالسلام أنّه قال : « [ قال : ] رجل لعمار بن ياسر : يا أبا اليقظان ، آية في كتاب الله قد أفسدت قلبي ؟ فقال : وأيّة آية هي ؟ قال : قوله عزوجل : ﴿وَإِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ﴾ الآية. فأيّة دابة (٣) هي ؟ فقال عمار : والله ما أجلس ولا آكل ولا أشرب حتى اريكها ، فجاء عمار مع الرجل إلى أمير المؤمنين عليهالسلام وهو يأكل تمرا وزبدا ، فقال [ له ] : يا أبا اليقظان هلمّ ، فأقبل عمّار وجلس يأكل معه ، فتعجّب الرجل منه ، فلمّا قام عمّار قال [ له ] الرجل : سبحان الله ! إنّك حلفت أن لا تأكل ولا تشرب ولا تجلس حتى تريني الدابة ! قال عمار : قد أريتكها إن كنت تعقل (٤) .
وروى العياشي هذه القصة عن أبي ذرّ (٥) ، وعن الباقر عليهالسلام قال : « قال أمير المؤمنين عليهالسلام : ولقد اعطيت الستّ : علم المنايا والبلايا ، والوصايا ، وفصل الخطاب ، وإنّي لصاحب الكرّات ودولة الدول ، وإنّي لصاحب العصا والميسم ، والدابة التي تكلّم الناس » (٦) .
وفي ( الاكمال ) عن أمير المؤمنين عليهالسلام - في حديث بعد أن ذكر الدجّال وقاتله - قال : « ألا إنّ بعد ذلك الطامّة الكبرى. فقيل : وما ذلك يا أمير المؤمنين ؟ قال : خروج دابة الأرض من عند الصفا ، ومعها خاتم سليمان وعصا موسى ، تضع الخاتم على وجه كلّ مؤمن فينطبع فيه : هذا مؤمن حقا ، وتضع العصا (٧) على وجه كلّ كافر فيكتب : هذا كافر حقا ، حتى إنّ المؤمن لينادي : الويل لك يا كافر ، وإنّ الكافر ينادي : طوبى لك يا مؤمن ، وددت أنّي كنت مثلك ، فأفوز فوزا عظيما ، وترفع الدابة رأسها [ فيراها ] من بين الخافقين باذن الله جلّ جلاله ، وذلك بعد طلوع الشمس من مغربها ، فعند ذلك ترفع التوبة ، فلا تقبل توبة وعمل (٨) ، ولا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا.
ثمّ قال عليهالسلام : لا تسألوني عمّا يكون بعد هذا ، فانّه عهد إليّ حبيبي رسول الله صلىاللهعليهوآله أن لا اخبر به غير عترتي » (٩) .
وفي ( المجمع ) عن النبي صلىاللهعليهوآله قال : « دابة الأرض طولها ستون ذراعا ، لا يدركها طالب ، ولا يفوتها هارب ، فتسم المؤمن بين عينيه [ ويكتب بين عينيه ] مؤمن ، وتسم الكافر بين عينيه [ ويكتب بين
__________________
(١) تفسير القمي ٢ : ١٣٠ ، تفسير الصافي ٤ : ٧٤.
(٢) تفسير الرازي ٢٤ : ٢١٨ ، تفسير أبي السعود ٦ : ٣٠٢.
(٣) في النسخة : آية.
(٤) تفسير القمي ٢ : ١٣١ ، تفسير الصافي ٤ : ٧٤.
(٥) مجمع البيان ٧ : ٣٦٦ ، تفسير الصافي ٤ : ٧٥.
(٦) الكافي ١ : ١٥٤ / ٣ ، تفسير الصافي ٤ : ٧٥.
(٧) في المصدر : ويضعه ، وفي تفسير الصافي : وتضعه.
(٨) في المصدر : فلا توبة تقبل ولا عمل يرفع.
(٩) كمال الدين : ٥٢٧ / ١ ، تفسير الصافي ٤ : ٧٥.